الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ }

{ الحمد لله } الالف واللام فى الحمد لاستغراق الجنس واللام فى لله للاختصاص لانه تعالى قال بربهم يعدلون ودفع تسويتهم بربهم مما جعل مقصودا بالذات. وفى التأويلات النجمية اللام لام التمليك يعنى كل حمد يحمده اهل السموات والارض فى الدنيا والآخرة ملك له وهو الذى اعطاهم استعداد الحمد ليحمدوه بآثار قدرته على قدر استعدادهم واستطاعتهم لكن حمد الخلق له مخلوق فان وحمده لنفسه قديم باق فان قيل أليس شكر المنعم واجبا مثل شكر الاستاذ على تعليمه وشكر السلطان على عدله وشكر المحسن على احسانه قال عليه السلام " من لم يشكر الناس لم يشكر الله " فالجواب ان الحمد والتعظيم المتعلق بالعبد المنعم نظرا الى وصول النعمة من قبله وهو فى الحقيقة راجع اليه تعالى لانه تعالى لو لم يخلق نفس تلك النعمة ولو لم يحدث داعية الاحسان فى قلب العبد المحسن لما قدر ذلك العبد على الاحسان والانعام فلا محسن فى الحقيقة الا الله ولا مستحق للحمد الا هو تعالى. وفى تعليق الحمد باسم الذات المستجمع لجميع الصفات اشارة الى انه المستحق له بذاته سواء حمده حامد او لم يحمده. قال البغوى حمد الله نفسه تعليما لعباده اى احمدوه وفى المثنوى
جو نكه آن خلاق شكر وحمد جوست آدمى را مدح جوبى نيز خوست خاصه مرد حق كه در فضلت جست برشود زان بادجون خيك درست ورنبا شد اهل زان باد دروغ خيك بدريد امت كى كيرد فروغ   
{ الذى خلق السموات } بما فيها من الشمس والقمر والنجوم { والارض } بما فيها من البر والبحر والسهل والجبل والنبات والشجر خلق السموات وما فيها فى يومين يوم الاحد ويوم الاثنين وخلق الارض وما فيها فى يومين يوم الثلاثاء ويوم الاربعاء. وفى تعليق الحمد بالخلق تنبيه على استحقاقه تعالى باعتبار افعاله وآلائه ايضا وتخصيص خلق السموات والارض بالذكر لانهما اعظم المخلوقات فيما يرى العباد وفيهما العبرة والمنافع لهم وجمع السموات دون الارض وهى مثلهن لان طبقاتها مختلفة بالذات متفاوتة الآثار والحركات قالوا ما بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام. السماء الدنيا موج مكفوف اى متصادم بعضه على بعض يمنع بعضه بعضا اى ممنوع من السيلان. والثانية مر مرة بيضاء. والثالثة حديدة. والرابعة نحاس او صفر. والخامسة فضة. والسادسة ذهب. والسابعة ياقوتة حمراء واما الارض فهى تراب لا غير. والا كثرون على تفضيل الارض على السماء لان الانبياء خلقوا من الارض وعبدوا فيها ودفنوا فيها وان الارض دار الخلافة ومزرعة الآخرة وافضل البقاع على وجه الارض البقعة التى ضمت جسم الحبيب صلى الله تعالى عليه وسلم فى المدينة المنورة لان الجزء الاصلى من التراب محل قبره صلى الله عليه وسلم ثم بقعة الحرم المكى ثم بيت المقدس والشام منه ثم الكوفة وهى حرم رابع وبغداد منه { وجعل الظلمات والنور } الجعل هو الانشاء والابداء كالخلق خلا ان ذلك مختص بالانشاء التكوينى وفيه معنى التقدير والتسوية وهذا عام له كما فى الآية الكريمة وللتشريعى ايضا كما فى قوله

السابقالتالي
2