الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ }

{ ولولا ان كتب الله } حكم { عليهم } اى على بنى النضير { الجلاء } اى الخروج من اوطانهم على ذلك الوجه الفظيع وقد سبق الكلام فى الجلاء ولولا امتناعية وما بعدها مبتدأ فان أن مخففة من الثقيلة اسمها ضمير الشأن المقدر اى ولولا أنه وكتب الله خبرها والجملة فى محل الرفع بالابتدآء بمعنى ولولا كتاب الله عليهم الجلاء واقع فى علمه او فى لوحه { لعذبهم فى الدنيا } بالقتل والسبى كما فعل ببنى قريظة من اليهود قال بعضهم لما استحقوا بجرمهم العظيم قهرا عظيما اخذوا بالجلاء الذى جعل عديلا لقتل النفس لقوله تعالىولو أنا كتبنا عليهم ان اقتلوا انفسكم او اخرجوا من دياركم مافعلوه الا قليل منهم } مع ان فيه احتمال ايمان بعضهم بعد مدة وايمان من يتولد منهم { ولهم فى الآخرة عذاب النار } استئناف غير متعلق بجواب لولا اذ لو كان معطوفا عليه لزم أن ينجوا من عذاب الآخرة ايضا لان لولا تقتضى انتفاء الجزآء لحصول الشرط وانما جيىء به لبيان انهم ان نجوا من عذاب الدنيا بكتابة الجلاء لانجاة لهم من عذاب الآخرة يقول الفقير لايلزم من نجاتهم من عذاب الدنيا أن لايكون جلاؤهم من قبيل العذاب وانما لم يكن منه بالنسبة الى عذاب الاستئصال والوجه فى جلائهم انهم قصدوا قتل النبى عليه السلام وقتله شر من ألف قتل فأخذوا بالجلاء ليموتوا كل يوم ألف مرة لان انقطاع النفس عن مألوفاتها بمنزلة موتها فجاء الجزآء من جنس العمل قال بعض أهل الاشارة ولولا ان كتب الله على يهودى النفس ونصرانى الهوى جلاء الانسلاخ من ديار وجوداتهم لعذبهم فى طلب الدنيا ومحبتها ولهم فى آخر الامر عذاب نار القطيعة عن مألوفاتهم الطبيعية ومستحسناتهم الحسية