الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ }

{ هو الله الذى لا اله الا هو } هو فى اصل وضعه كناية عن المفرد المذكر الغائب وهى كناية عن المفردة المؤنثة الغائبة وكثيرا مايكنى به عمن لايتصور فيه الذكورة والانوثة كما هو ههنا فانه راجع الى الله تعالى للعلم به ولك أن تقول هو موضوع لمفرد ليس فيه تأنيث حقيقة وحكما وهو لمفرد يكون فيه ذلك وهو مبتدأ خبره لفظة الله بمعنى هو المعبود بالحق المسمى بهذا الاسم الاعظم الدال على جلال الذات وكمال الصفات فلا يلزم أن يتحد المبتدأ والخبر بأن يكون التقدير الله الله اذ لا فائدة فيه او الله بدل من هو والموصول مع صلته خبر المبتدأ او هو اشارة الى الشان والله مبتدأ والذى لا اله الا هو خبره والجملة خبر ضمير الشان ولا فى كلمة التوحيد لنفى افراد الجنس على الشمول والاستغراق واله مبنى على الفتح بها مرفوع المحل على الابتدآء والمراد به جنس المعبود بالحق لا مطلق جنس المعبود حقا او باطلا والا فلا يصح فى نفسه لتعدد الآلهة الباطلة ولا يفيد التوحيد الحق والا هو مرفوع على البدلية من محل المنفى او من ضمير الخبر المقدر للا والخبر قد يقدر موجود فيتوهم ان التوحيد يكون باعتبار الوجود لا الامكان فان نفى وجود اله غير الله لايستلزم نفى امكانه وقد يقدر ممكن فيتوهم ان اثبات الامكان لايقتضى الوقوع فكم من شىء ممكن لم يقع وقد يقدر لنا فيتوهم انه لابد من مقدر فيعود الكلام والجواب انه اذا كان المراد بالاله المعبود بالحق كما ذكر فهو لايكون الا رب العالمين مستحقا لعبادة المكلفين فاذا نفيت الالوهية على هذا المعنى عن غيره تعالى واثبتت له سبحانه يندفع التوهم على التقدير كلها ان قيل ان أراد القائل لا اله الا الله شمول النفى له تعالى ولغيره فهو مشكل نعوذ بالله مع ان الاستثناء يكون كاذبا وان أراد شموله لغيره فقط فلا حاجة الى الاستنثاء أجيب بأن مراده فى قلبه هو الثانى الا انه يرى التعميم ظاهرا فى اول الامر ليكون الاثبات بالاستنثاء آكد فى آخر الامر فالمعنى لا اله غيره وهذا حال الاستثناء مطلقا قال الشيخ أبو القاسم هذا القول وان كان ابتدآؤه النفى لكن المراد به الاثبات ونهاية التحقيق فان قول القائل لا أخ لى سواك ولا معين لى غيرك آكد من قوله أنت أخى ومعينى كل من لا اله الا الله ولا اله الا هو كلمة توحيد لو روده فى القرءآن بخلاف لا اله الا الرحمن فانه ليس بتوحيد مع ان اطلاق الرحمن على غيره تعالى غير جائز واطلاق هو جائز نعم ان الاولى كونه توحيدا الا انه لم يشتهر به التوحيد اصالة بخلافهما.

السابقالتالي
2 3 4