الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

{ ألم تر أن الله يعلم مافى السموات وما فى الارض } استشهاد على شمول شهوده تعالى والهمزة للانكار المقرر بالرؤية لما أن الانكار نفى معنى ونفى النفى يقرر الاثبات فتكون الرؤية ثابتة مقررة والخطاب للرسول عليه السلام او لكل من يستحق الخطاب والمعنى ألم تعلم علما يقينيا بمرتبة المشاهدة انه تعالى يعلم مافى السموات ومافى الارض من الموجودات سوآء كان ذلك بالاستقرار فيهما او بالجزئية منهما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انها نزلت فى ربيعة وحبيب ابنى عمرو وصفوان بن امية كانوا يوما يتحدثون فقال أحدهم اترى الله يعلم ما نقول فقال الآخر يعلم بعضا وقال الثالث ان كان يعلم بعضه فهو يعلم كله وصدق لان من علم بعض الاشياء بغير سبب فقط علمها كلها لان كونه عالما بغير سبب ثابت له مع كل معلوم فنزلت الآية { مايكون من نجوى ثلاثة } ما نافية ويكون تامة بمعنى يوجع ويقع ومن مقحم ونجوى فاعله وهو مصدر بمعنى التناجى كالشكوى بمعنى الشكاية يقال نجاه نجوى ونجوى ساره كناجاه مناجاة والنجوى السر الذى يكتم اسم ومصدر كما فى القاموس وأصله أن تخلو فى نجوة من الارض اى مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله كأن المتناجى بنجوة من الارض لئلا يطلع عليه احد والمعنى مايقع من تناجى ثلاثة نفر ومسارتهم فالنجوى مصدر مضاف الى فاعله { الا هو } اى الله تعالى { رابعهم } اى جاعلهم اربعة من حيث انه تعالى يشاركهم فى الاطلاع عليها كما قال الحسين النورى قدس سره الا هو رابعهم علما وحكما لا نفسا وذاتا وهو استثناء مفرغ من اعم الاحوال اى مايوجد فى حال ما الا فى هذه الحال وفى الكلام اعتبار التصيير قال النصر ابادى من شهد معية الحق معه زجره عن كل مخالقة وعن ارتكاب كل محذور ومن لايشاهد معيته فانه متخط الى الشبهات والمحارم { ولا خمسة } اى ولا نجوى خمسة نفر { الا هو سادسهم } الا وهو تعالى جاعلهم ستة فى الاطلاع على ما وقع بينهم وتخصيص العددين بالذكر لخصوص الواقعة لان المنافقين المجتمعين فى النجوى كانوا مرة ثلاثة واخرى خمسة ويقال ان التشاور غالبا انما يكون من ثلاثة الى ستة ليكونوا اقل لفظا واجدر رأيا واكتم سرا ولذا ترك عمر رضى الله عنه حين علم بالموت امر الخلافة شورى بين ستة اى على أن يكون امر الخلافة بين ستة ومشاورتهم واتفاق رأيهم وفى الثلاثة اشارة الى الروح والسر والقلب وفى الخمسة اليها باضافة النفس والهوى ثم عمم الحكم فقال { ولا أدنى من ذلك } اى اقل مما ذكر كالاثنين والواحد فان الواحد ايضا يناجى نفسه وبالفارسية ونه كمتر باشد ازسه عدد { ولا اكثر } كالستة ومافوقها { الا هو معهم } اى الله مع المتناجين بالعلم والسماع يعلم مايجرى بينهم و لايخفى عليه ماهم فيه فكأنه مشاهدهم ومحاضرهم وقد تعالى عن المشاهدة والحضور معهم حضورا جسمانيا { اينما كانوا } اى فى اى مكان كانوا من الاماكن ولو كانوا تحت الارض فان علمه تعالى بالاشياء ليس لقرب مكانى حتى يتفاوت باختلاف الامكنة ولو كانوا تحت الارض فان علمه تعالى بالاشياء ليس لقرب مكانى حتى يتفاوت باختلاف الامكنة قربا وبعدا

السابقالتالي
2