الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ فمن لم يجد } اى فالمظاهر الذى لم يجد الرقبة وعجز عنها بأن كان فقيرا وقت التكفير وهو من حين العزم الى أن تقرب الشمس من الغروب من اليوم الاخير مما صام فيه من الشهرين فلا يتحقق العجز الحقيقى الا به والاعتبار بالمسكن والثياب التى لابد منها فان المعتبر فى ذلك هو الفضل والذى غاب ماله فهو واجد { فصيام شهرين } اى فعليه صيام شهرين { متتابعين } ليس فيهما رمضان ولا الايام الخمسة المحرم وصومها اى يوما العيد وايام التشريق فيصلهما بحيث لايفصل يوما عن يوم ولاشهرا عن شهر بالافطار فان افطر فيهما يوما أو اكثر بعذر او بغير عذر استأنف ولم يحسب ماصام الا بالحيض كما سيجيىء { من قبل أن يتماسا } ليلا او نهارا عمدا او خطأ ولو جامع زوجة اخرى ناسيا لا يستأنف ولو أفطرت المرأة للحيض فى كفار القتل او الفطر فى رمضان لا تستأنف لكنها تصل صومها بأيام حيضها ثم انه ان صام بالاهلة أجزأه وان صام ثمانية وخمسين بأن كان كل من الشهرين ناقصا وان صامها بغيرها فلا بد من ستين يوما حتى لو أفطر صبيحة تسعة وخمسين وجب عليه الاستئناف { فمن لم يستطع } اى الصيام بسبب من الاسباب كالهرم والمرض المزمن اى الممتد الغير المرجو برؤه فانه بمنزلة العاجز من كبر السن وان كان يرجى برؤه واشتدت حاجته الى وطىء امرأته فالمختار أن ينتظر البرء حتى يقدر على الصيام ولو كفر بالاطعام ولم ينتظر القدرة على الصيام أجزأه ومن الاعذار الشبق المفرط وهو أن لايصبر على الجماع فانه عليه السلام رخص للاعرابى أن يعطى الفدية لاجله { فاطعام ستين مسكينا } الاطعام جعله الغير طاعما ففيه رمز الى جواز التمليك والاباحة فى الكفارة والمسكين ويفتح ميمه من لاشىء له او له مالايكفيه وأسكنه الفقر اى قلل حركته والذليل والضعيف كما فى القاموس قال القهستانى فى شرح مختصر الوقاية قيد المسكين اتفاقى لجواز صرفه الى غيره من مصارف الزكاة. يقول الفقير انما خص المسكين بالذكر لكونه أحق بالصدقة من سائر مصارف الزكاة كما ينبىء عنه ماسبق آنفا من تفسير القاموس واطعام ستين مسكينا وان أعطاه فى يوم واحد وبدفعات لايجوز على الصحيح فيطعم لكل مسكين نصف صاع من بر او صاعا من غيره كما فى الفطرة والصاع اربعة امداد ونصفه مدان ويجب تقديمه على المسيس لكن لايستأنف ان مس فى خلال الاطعام لان الله تعالى لم يذكر التماس مع الاطعام هذا عند أبى حنيفة رحمه الله واما عند الآخرين فالاطعام محمول على المقيد فى العتق والصيام ويجوز دفع الكفارة لكافر واخراج القيمة عند ابى حنيفة رحمه الله خلافا للثلاثة وفى الفقه هذا اذا كان المظاهر حرا فلو كان عبدا كفر بالصوم وان اعطاه المولى المال وليس له منعه عن الصوم فان أعتق وأيسر قبل التكفير كفر بالمال { ذلك } اى ذلك البيان والتعليم للاحكام والتنبيه عليها واقع او فعلنا ذلك { لتؤمنوا بالله ورسوله } وتعملوا بشرآئعه التى شرعها لكم وترفضوا ما كنتم عليه من جاهليتكم ان قيل اذا كان ترك الظهار مفروضا فما بال الفقهاء يجعلونه بابا فى الفقه أجيب بأن الله وان أنكر الظهار وشنع على من تعود به من الجاهلين الا انه تعالى وضع له احكاما يعمل بها من ابتلى به من الغافلين فبهذا الاعتبار جعلوه بابا ليبينوا تلك الاحكام وزادوا قدر مايحتاج اليه من ان المحققين قالوا ان اكثر الاحكام الشرعية للجهال فان الناس لو احترزوا عن سوء المقال والفعال لما احتيج الى تكثير القيل والقال ودلت الآية على ان الظهار أكثر خطأ من الحنث فى اليمين لكون كفارته اغلظ من كفارة الحنث واللام فى لتؤمنوا للحكمة والمصلحة لانها اذا قارنت فعل الله تكون للمصلحة لانه الغنى المطلق واذا قارنت فعل العبد تكون للغرض لانه المحتاج المطلق فأهل السنة لايقولون لتلك المصلحة غرضا اذ الغرض فى العرف مايستكمل به طالبه استدفاعا لنقصان فيه تنفر عنه طبعه والله منزه عن هذا بلا خلاف والمعتزلة يقولون بناء على انه هو الشىء الذى لاجله يراد المراد ويفعل عندهم ولو قلنا بهذا المعنى لكنا قائلين بالغرض وهم لو قالوا بالمعنى لما كنا قائلين به { وتلك } اشارة الاحكام المذكورة من تحريم الظهار وايجاب العتق للواجد وايجاب الصوم لغير الواجد ان استطاع وايجاب الاطعام لمن لم يسطع { حدود الله } التى لايجوز تعديها وشرآئعه الموضوعة لعباده التى لايصح تجاوزها الى مايخالفها جمع حد وهو فى اللغة المنع والحاجز بين الشيئين الذى يمنع اختلاط احدهما بالآخر وحد الزنى وحد الخمر سمى بذلك لكونه مانعا لمتعاطيه عن المعاودة لمثله وجميع حدود الله على اربعة اضرب اما شىء لايجوز أن يتعدى بالزيادة عليه والا القصور عنه كأعداد ركعات صلاة الفرض واما شىء يجوز الزيادة عليه ولا يجوز النقصان منه واما شىء يجوز النقصان منه ولايجوز الزيادة عليه واما شىء يجوز الزيادة عليه والنقصان منه كما فى المفردات { وللكافرين } اى الذين لايعلمون بها ولا يقبلونها { عذاب اليم } عبر عنه بذلك للتغليظ على طريقة قوله تعالى

السابقالتالي
2 3 4