الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }

{ والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا } اللام والى يتعاقبان كثيرا نحو يهدى للحق والى الحق فالمعنى والذين يقولون ذلك القول المنكر ثم يعودون الى ماقالوا والى مافات عنهم بسببه من الاستمتاع بالتدارك والتلافى بالتقرر والتكرر ومنه قولهم عاد الغيث على ماأفسد اى تداركه باصلاح فافسده امساكه واصلاحه احياؤه ففيه اطلاق اسم السبب على المسبب فان العود الى الشىء من اسباب التدارك والوصول اليه فيكون مجازا مرسلا قال ابن الشيخ العود يستعمل على معنيين أحدهما أن يصير الى شىء قد كان عليه قبل ذلك فتركه فيكون بمعنى الرجوع الى مافارق عنه والآخر أن يصير ويتحول الى شىء وان لم يكن ذلك للتدارك والوصول هو العود بهذا المعنى وهو العود الى شىء مطلقا فحاصل المعنى ثم يعودون الى تدارك ماقالوا ودفع مالزم عليهم به من الفساد من حرمة الحلال ويجوز أن يكون المعنى ثم يريدون العود الى ماحرموا على أنفسهم بلفظ الظهار من الاستمتاع ففيه تنزيل للقول منزلة المقول فيه { فتحرير رقبة } التحرير جعل الانسان حرا وهو خلاف العبد والرقية ذات مرقوق مملوك سوآء كان مؤمنا او كافرا ذكرا او انثى صغيرا او كبيرا هنديا او روميا فالمعنى فتداركه او فالواجب اعتاق رقبة اى رقبة كانت وان كان تحرير المؤمن اولى والصالح أحسن فيعتقها مقرونا بالنية وان كان محتاجا الى خدمتها فلو نوى بعد العتق او لم ينو لم يجزىء وان وان وجد ثمن الرقبة وهو محتاج اليه فله الصيام كما فى الكواشى ولا يجزىء ام الولد والمدبر ولمكاتب الذى ادى شيئا فان لم يؤد جاز ويجب أن تكون سليمة من العيوب الفاحشة بالاتفاق وعند الشافعى يشترط الايمان قياسا على كفارة القتل كما قال تعالىفتحرير رقبة مؤمنة } قلنا حمل المطلق على المقيد انما هو عند اتحاد الحادثتين واتحاد الحكم ايضا وهنا ليس كذلك والفاء للسببية ومن فوآئدها الدلالة على تكرير وجوب التحرير بتكرر الظهار لان تكرر السبب يوجب تكرر المسبب كقرآءة آية السجدة فى موضعين فلو ظاهر من امرأته مرتين او ثلاثا فى مجلس واحد او مجالس متفرقة لزمه بكل ظهار كفارة { من قبل أن يتماسا } اى من قبل أن يستمتع كل من المظاهر والمظاهر منها بالآخر جماعا وتقبيلا ولمسا ونظرا الى الفرج بشهوة وذلك لان اسم التماس يتناول الكل وان وقع شىء من ذلك قبل التكفير يجب عليه أن يستغفر لانه ارتكب الحرام ولا يعود حتى يكفر وليس عليه سوى الكفارة الاولى بالاتفاق وان أعتق بعض الرقبة ثم مس عليه أن يستأنف عند أبى حنيفة رحمه الله ولا تسقط الكفارة بل يأتى بها على وجه القضاء كما لو أخر الصلاة عن وقتها فانه لايسقط عنه اتيانها بل يلزمه قضاؤها وفى الآية دليل على ان المرأة لايسعها أن تدع الزوج أن يقربها قبل الكفارة لانه نهاهما جميعا عن المسيس قبل الكفارة قال القهستانى لها مطالبة التكفير والحاكم يجبر عليه بالحبس ثم بالضرب فالنكاح باق والحرمة لا تزول الا بالتكفير وكذا لو طلقها ثم تزوجها بعد العدة او زوج آخر حرم وطئها قبل التكفير ثم العود الموجب لكفارة الظهار عند أبى حنيفة رحمه الله هو العزم على جماعها فمتى عزم على ذلك لم تحل له حتى يكفر ولو ماتت بعد مدة قبل أن يكفر سقطت عنه الكفارة لفوت العزم على جماعها { ذلكم } اى الحكم بالكفارة أيها المؤمنون { توعظون به } الوعظ زجر يقترن بتخويف اى تزجرون به من ارتكاب المنكر المذكور فان الغرامات مزاجر من طعاطى الجنايات والمراد بذكره بيان ان المقصود من شرع هذا الحكم ليس تعريضكم للثواب بمباشرتكم لتحرير الرقبة الذى هو علم فى استتباع الثواب العظيم بل هو ردعكم وزجركم عن مباشرة مايوجبه والحاصل ان فى المؤاخذة الدنيوية نفعا لكل من المظاهر وغير المظاهر بأن يحصل للمظاهر الكفارة والتدارك ولغير المظاهر الاحتياط والاجتناب كما قيل

السابقالتالي
2