الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ }

{ يوم يقول المنافقون والمنافقات } بدل من يوم ترى { للذين آمنوا } اى اخلصوا الايمان بكل مايجب الايمان به { انظرونا } اى انتظرونا يقولون ذلك لما ان المؤمنين يسرع بهم لى الجنة كالبروق الخاطفة على ركاب تزف بهم وهؤلاء مشاة او انظروا الينا فانهم اذا انظروا اليهم استقبلوهم بوجوههم فيستضيئون بالنور الذى بين أيديهم فانظرونا على هذا الوجه من باب الحذف والايصال لان النظر بمعنى الابصار لايتعدى بنفسه وانما انظار لهم وامهال { نقتبس من نوركم } اى نستضىء منه ونمش فيه معكم واصله اتخاذ القبس وهو محركة شعلة نار تقتبس من معظم النار كالمقباس قال الراغب القبس المتناول من الشعلة والاقتباس طلب ذلك ثم لطلب العلم والهداية قال بعضهم النار والنور من اصل واحد وهو الضوء المنتشر يعين على الابصار وكثير مايتلا زمان لكن النار متاع للمقوين فى الدنيا والنور متاع لهم فى الدنيا والآخرة ولاجل ذلك استعمل فى النور الاقتباس وقيل نقتبس من نوركم اى نأخذ من نوركم قبسا سراجا وشعلة وقيل ان الله يعطى المؤمنين نورا على قدر اعمالهم يمشون به على الصراط ويعطى المنافقين ايضا نورا خديعة لهم وهو قوله تعالىوهو خادعهم } فبينما هم يمشون اذ بعث الله ريحا وظلمة فأطفأ نور المنافقين فذلك قولهيوم لايخزى الله النبى والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا اتمم لنا نورنا } مخافة أن يسلبوا نورهم كما سلب نور المنافقين وقال الكلبى بل يستضىء المنافقون بنور المؤمنين ولايعطون النور فاذا سبقهم المؤمنون وبقوا فى الظلمة قالوا للمؤمنين انظرونا نقتبس من نوركم { قيل } طردا لهم وتهكما بهم من جهة المؤمنين او من جهة الملائكة { ارجعوا ورآءكم } الى الموقف { فالتمسوا نورا } اى فاطلبوا نورا فانه من ثمة يقتبس او الى الدنيا فالتمسوا النور بتحصيل مباديه من الايمان والاعمال الصالحة
كارا اينجا كن تشوبشست در محشر بسى آب از بنجا بركه درعقبى بسى شور وشرست   
وروى عن ابى امامة الباهلى رضى الله عنه انه قال بينا العباد يوم القيامة عند الصراط اذ غشيهم ظلمة يقسم الله النور بين عباده فيعطى الله المؤمن نورا ويبقى المنافق والكافر لايعطيان نورا فكما لايستضىء الاعمى بنور البصير لايستضىء الكافر والمنافق بنور المؤمن فيقولون انظرونا نقتبس من نوركم فيقولون لهم ارجعوا حيث قسم النور فيرجعون فلا يجدون شيأ فيرجعون وقد ضرب بينهم بسور او ارجعوا خائبين خاسئين وتنحوا عنا فالتمسوا نورا آخر وقد علموا أن لانور ورآءهم وانما قالوه تخييبا لهم او أردوا بالنور ماورآءهم من الظلمة الكثيفة تهكما بهم وقال بعض أهل الاشارة كأن استعداداتهم الفطرية الفائتة عنهم تقول بلسان الحال ارجعوا الى استعدادتكم الفطرية التى أفسدتم بحب الدنيا ولذاتها وشهواتها واقتبسوا منها نورا اذا ماتصلون الى مطلوباتكم الا بحسب استعداداتكم وهى فائتة عنكم باشتغالكم بالامور الدنيوية واعراضكم عن الاحكام الاخروية والتوجهات المعنوية { فضرب بينهم } اى بين الفريقين وهم المؤمنون والمنافقون يعنى ملائكة بحكم الهى بزنند، ولما كان البناء مما يحتاج الى ضرب باليد ونحوها من الآلات عبر عنه بالضرب ومثله ضرب الخيمة لضرب اوتادها بالمطرقة { بسور } اى حائط بين شق الجنة وشق النار فان سور المدينة حائطها المشتمل عليها والباء زآئدة وبالفارسية ديوارى نزديك جون باره شهرى، قال بعضهم هو سور بين أهل الجنة والنار يقف عليه اصحاب الاعراف يشرفون على اهل الجنة واهل النار وهو السور الذى يذبح عليه الموت يراه الفريقان معا { له } اى لذلك السور { باب } يدخل فيه المؤمنون فيكون السور بينهم باعتبار ثانى الحال اعنى بعد الدخول لاحين الضرب { باطنه } اى باطن السور او الباب { فيه الرحمة } لانه يلى الجنة { وظاهره من قبله } اى من جهته وعنده { العذاب } لانه يلى النار وقال بعضهم هو سور بين القدس الشرقى باطنه فيه المسجد الاقصى { وظاهره من قبله العذاب } وهو واد يقال له وادى جهنم وكان كعب يقول فى الباب الذى يسمى باب الرحمة فى بيت المقدس انه الباب الذى قال الله { فضرب بينهم بسور له باب } الآية يعنى ان هذا الموضع المعروف بوادى جهنم موضع السور قال ابن عطية وهذا القول فى السور بعيد يعنى بل المراد بالسور الاعراف، يقول الفقير لابعد فيه بالنسبة الى من يعرف الاشارة وقد روى ان عبادة قام على سور بيت المقدس الشرقى فبكى فقال بعضهم مايبكيك يا أبا الوليد فقال ههنا اخبرنا رسول الله عليه السلام انه رأى جهنم وفى الحديث

السابقالتالي
2