الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرَّحْمَـٰنُ } * { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } * { عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ }

{ الرحمن } مبتدأ خبره مابعده اى الذى له الرحمة الكاملة كما جاء فى بعض الدعاء رحمان الدنيا ورحيم الآخرة لانه عم الرزق فى الدنيا كما قيل
اديم زمين سفره عام اوست برين خوان يغما جه دشمن جه دوست   
وخص المؤمنين بالعفو فى الآخرة وبالفارسية خداوند بخشايش بسياركه رحمت او همه جيز را رسيده، والرحمة فى الحقيقة العف والحنوا عنى الميل الروحانى ومنه الرحم لانعطافها الحسى على مافيها وأريد بها بالنسبة الى الله تعالى ارادة الخير والانعام لان عطف على احد اصابه بأحدهما قال الامام الغزالى رحمه الله الرحمن هو العطوف على العباد بالايجاد اولا وبالهداية الى الايمان واسباب السعادة ثانياً والاسعاد بالآخرة ثالثا والانعام بالنظر الى وجه الكريم رابعا انتهى ولما كانت هذه السورة الكاملة شاملة لتعداد النعم الدنيوية والاخروية والجسمانية والروحانية طرزها بطراز اسم الرحمن الذى هو اسم الذات المشتمل على جميع الاسماء والصفات ليسند اليه النعم المختلفة بعده ولما كان القرءآن اعظم النعم شأنا لانه مدار جميع السعادات ولذا قال عليه السلام " اشراف امتى حملة القرءآن " اى ملازموا قرآءته واصحاب الليل وقال " خيركم من تعلم القرءآن وعلمه " وفيه جميع حقائق الكتب السماوية وكان تعليمه من آثار الرحمة الواسعة واحكامها بدأبه فقال { علم } محمد صلى الله عليه وسلم { القرءآن } بواسطة جبريل عليه السلام وبواسطة محمد عليه السلام غيره من الامة قال الكاشفى يعنى آسان كردانيده مر اوارا آموختن وديكرا انرا آموزانيدن، قال ابن عطاء رحمه الله لما قال الله تعالىوعلم آدم الآسماء كلها } أراد ان يخص امة محمد بخاصة مثله فقال { الرحمن علم القرءآن } اى الذى علم آدم الاسماء وفضله بها على الملائكة هو الذى علمكم القرءآن وفضلكم به على سائر الامم فقيل له متى علمهم قال علمهم حقيقة فى الازل واظهر لهم تعليمه وقت الايجاد وفيه اشارة الى أن تعليم القرءآن وان كان فى الصورة بواسطة جبريل من الوجه العام لكنه كان بلا واسطة فى المعنى من الوجه الخاص على ماسنريد وضوحا فى محله ان شاء الله تعالى وقال بعضهم { علم القرءآن } اى أعطى الاستعداد الكامل فى الازل لجميع المستعدين ولذلك قال { علم القرءآن } ولم يقل علم الفرقان كما فى قوله تعالىتبارك الذى نزل الفرقان } فان الكلام الالهى قرءآن باعتبار الجمع والبداية وفرقان باعتبار الفرق والنهاية فهو بهذا المعنى لايتوقف على خلق الانسان وظهوره فى هذا العالم وانما الموقوف عليه تعليم البيان ولذا قدم تعليم القرءآن على خلق الانسان وخلقه على تعليم البيان انتهى وفى الآية اشارة الى أن التعليم والتسهيل انما هو من الله تعالىلا من المعلمين الحافظين وقد علم آدم الاسماء ووفقه لتعلمها وسهله باذنه وعلم داود صنعة الدرع كما قال وعلمناه صنعة لبوس لكم وعلم عيسى علم الطب كما قال

السابقالتالي
2