الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ }

{ وما امرنا } لشىء نريد تكوينه { إلا واحدة } اى كلمة واحدة لاتثنى سريعة التكوين وهو قوله تعالىكن } او الا فعلة واحدة وهو الايجاد بلا معالجة ومعاناة { كلمح بالبصر } فى اليسر والسرعة فان اللمح النظر بالعجلة فمعنى كلمح كنظر سريع قال فى القاموس لمح اليه كمنع اختلس النظر كألمح وفى المفردات اللمح لمعان البرق ورأيته لمحة برق قال ابن الشيخ لما اشتملت الآيات السابقة على وعيد كفار اهل مكة بالاهلاك عاجلا وآجلا والوعد للمؤمنين بالانتصار منهم جيىء بقولهانا كل شىء خلقناه بقدر } تأكيدا للوعيد والوعد يعنى ان هذا الوعيد والوعد حق وصدق والموعود مثبت فى اللوح مقدر عند الله لايزيد ولا ينقصوذلك على الله يسير } لان قضاءه فى خلقه اسرع من لمح البصر وقيل معنى الآية معنى قوله تعالىوما امر الساعة الا كلمح البصر } قال بعض الكبار ليس المراد بكلمة كن حرف الكاف والنون وانما المراد بها المعنى الذى به كان ظهور الاشياء فكن حجاب للمعنى لمن فهم وكل انسان له فى باطنه قوة كن وماله فى ظاهره الا المعتاد وفى الآخرة يكون حكم كن منه فى الظاهر وقد يعطى الله ذلك لبعض الرجال فى هذه الدار بحكم الارث لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانه تصرف بها فى عدة مواطن منه قوله فى غزوة تبوك كن أبا ذر فكان أبا ذر ثم لايخفى انه لم يعط احد من الملائكة وغيرهم حرف كن انما هى خاصة بالانسان لما انطوى عليه من الخلافة والنيابة وفى التأويلات النحمية وماامر تجلينا للاشياء لها علويها وسفليها الا تجعل واحد اى واحدانى الوصف لاكثرة فيه لكن يتكثر بحسب المتجلى له ويظهر فيه بحسبه ظهور الصورة الواحدة فى المرآئى المتكثرة يظهر فى الكبير كبيرا وفى الصغير صغيرا وفى المستطيل مستطيلا وفى مستدير مسديرا والصورة على حالتها المخلوقة عليها باقية لاتغير ولا تبديل بها كما يلمح الناظر ويرى فى اللمحة الواحدة مايحاذى بصره