الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }

{ ان فى ذلك } اى فما ذكر من قصتهم او فيما ذكر فى هذه السورة من العبر والاخبار واهلاك القرى { لذكرى } لتذكرة وعظة وبالفارسية بند { لمن كان له قلب } اى قلب سليم يدرك به كنه مايشاهده من الامور ويتفكر فيها كما ينبغى فان من كان له ذلك يعلم ان مدار دمارهم هو الكفر فيرتدع عند بمجرد مشاهدة الآثار من غير تذكير قال الراغب قلب الانسان سمى به لكثرة تقلبه ويعبر بالقلب عن المعانى التى تختص به من الروح والعلم والشجاعة وسائر ذلك وقوله { لمن كان له قلب } اى علم وفهم انتهى وفسره ابن عباس رضى الله عنهما بالعقل وذلك لان العقل قوة من قوى القلب وخادم من خدامه كما فى كتاب الجواهر للشعر انى فمن له أدنى عقل فله ذكرى كما قال تعالىأفلا تعقلون } اى أدنى تعقل وقال ابو الليث لمن كان له قلب اى عقل لانه يعقل بالقلب فكنى عنه انتهى وفى الاسئلة المقحمة كيف قال لمن كان له قلب ومعلوم ان لكل انسان قلبا قلت ان المراد ههنا بالقلب عقل كنى بالقلب عن العقل لانه محله ومنبعه كما قال تعالىفانه نزل على قلبك } وسمعت بعض الشيوخ يقول لمن كان له قلب مستقر على الايمان لاينقلب بالسرآء والضرآء انتهى وفى تفسير الكاشفى آنكس را كه اورا دلى زنده است وفى كشف الاسرار دلى متفكر در حقايق اخبار ياعقلى بيدار كننده از خواب غفلت شبلى قدس سره فرمود موعظة قرآنرا دلى بايد باخداى تعالى كه طرفة العينى غافل نباشد { او القى السمع } اى الى مايتلى عليه من الوحى الناطق بما جرى عليهم فان من فعله يقف على جلية الامر فينزجر عما يؤدى اليه من الكفر فكلمة او لمنع الخلو دون الجمع فان القاء لسمع لايجدى بدون سلامة القلب كما يلوح به قوله { وهو } اى والحال ان ذلك الملقى فهو حال من الفاعل { شهيد } من الشهود بمعنى الشاهد اى الحاضر بذهنه ليفهم معانيه لان من لايحضر ذهنه فكأنه غائب او شاهد بصدقه فيتعظ بظواهره وينزجر بزواجره وقال السعدى المفتى او لتقسيم المتفكر الى التالى السامع او الى الفقيه والمتعلم وبعبارة اخرى الى العالم المجبول على الاستعداد الكامل فهو بحث يحتاج الى التعليم فيتذكر بشرط أن يقبل بكليته ويزيل الموانع كلها وقال بعض الكبرآء من العارفين ان فى ذلك اى القرءآن الناطق باثبات امور متخالفة للحق سبحانه من التنزيه والتشبيه لذكرى اى تذكرا لما هو الحق عليه فى نفسه من التقلب فى الشؤون لمن كان له قلب سمى به لتقلبه فى انواع الصور والصفات المتخالفة لاختلاف التجليات ولم يقل لمن كان له عقل فان العقل قيد لغة وحقيقة اما لغة فانه يقال عقل البعير بالعقال اى قيده وعقل الدوآء البطن اى عقده واما حقيقة فلأن العقل يقيد العاقل بما يؤدى نظره وفكره اليه فيحصر الامر فى نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر فليس القرءآن ذكرى لمن كان له عقل يقيده بما يؤديه الكفر اليه فانه ليس ممن يتذكر بما وقع فى القرءآن من الآيات الدالة على التنزيه والتشبيه جميعاً بل يؤول ماوقع على خلاف مايؤديه فكره اليه كالآيات الدالة على التشبيه مثلا وهم اى من كان له عقل هم اصحاب الاعتقادات الجزئية التقييدية الذين يكفر بعضهم الذى يؤديه فكره الى عقد مخصوص بعضا آخر يؤديه فكره الى خلاف ماادى اليه فكر البعض الاول ويلعن بعضهم بعضا والحق عند العارف الذى يتقلب قلبه فى انواع الصور والصفات لانه يعرف أن لاغير فى الوجود وصور الموجودات كلها صورته فلاختصاص معرفة الحق فى جميع الصور فى الدنيا والآخرة بالعارف الناتج معرفته عن تقلب قلبه قال تعالى { لمن كان له قلب } فانه قد تقلب قله فى الاشكال فعلم تقلب الحق فى الصور وهذا النوع من المعرفة الذى لايعقبه نكرة حظ من عرف الحق من التجلى والشهود أى من تجليه فى الصور وشهوده فيها حال كونه مستقرا فى عين مقام الجميع بحيث لايشغله صور التفرقة عن شهوده واما أهل الايمان الاعتقادى الذين لم يعرفوا الحق من التجلى والشهود فهم المقلدة الذين قلدوا الانبياء والرسل فيما اخبروا به عن الحق من غير طلب دليل عقلى لامن قلد اصحاب الافكار والمتأولين للاخبار الواردة الكاشفة عن الحق كشفا مبينا يحملها عى أدلتهم العقلية وارتكاب احتمالاتها البعيدة فهؤلاء الذين قلدوا الرسل عليهم السلام حق التقليد هم المرادون بقوله { او ألقى السمع } لاستماع مارودت به الاخبار الالهية على ألسنة الانبياء وهو حاضر بما يسمعه مراقب له فى حضرة خياله يعنى ينبغى لملقى السمع أن يجهد فى احضار مايسمعه فى خياله لعله يفوز بالتجليات المثالية لا أن يكون صاحب تلك التجليات بالفعل والا بقى بعض ملقدة الانبياء خارجا عن هذا الحكم فليس المراد بالشهود ههنا الرؤية البصرية بل مايشبهها كمال المشابهة وهو مشاهدة الصور المتمثلة فى حضرة الخيال ليس الا ومن قلد صاحب نظر فكرى فليس هو الذى القى السمع وهو شهيد فالمقلدون لاصحاب الافكار هم الذين قال الله فيهم

السابقالتالي
2 3 4