الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ }

{ ولقد خلقنا الانسان ونعلم ماتوسوس به نفسه } اى ما تحدث به نفسه وهو مايخطر بالبال والوسوسة الصوت الخفى والخطرة الرديئة ومنه وساوس الحلى وبالفارسية وميدانيم آن جيزى راكه وسوسه ميكندمر اورابدان نفس اواز انديشهاى بد. والضمير لما أن جعلت موصولة والباء كما فى صوت بكذا وهمس به يعنى انها صلة او للانسان ان جعلت مصدرية والباء للتعدية اى ما تجعله موسوسا فان النفس تجعل الانسان قائما به الوسوسة قال فى الكشاف ما مصدرية لانهم يقولون حدث نفسه بكذا كما يقولون حدثته به نفسه وفيه اشارة الى ان الله تعالى كما يعلم حال الانسان قبل خلقه علما ثبوتيا كذلك يعلمه بعد خلقه علما فعليا ودخل فيه ماتوسوس به نفسه فانه مخلوق الله ايضا لايخفى عليه مخلوقه مطلقا ذلك من اوصاف النفس توسوس بذلك لتشوش عليه قلبه ووقته وفيه دخل آدم عليه السلام فان الله تعالى خلقه وعلم ماوسوست به نفسه فى اكل الشجرة وذلك بالقاء الشيطان قال بعض الكبار ليس للشيطان على باطن الانبياء من سبيل فخواطرهم لاحظ للشيطان فيها فهو يأتيهم فى ظاهر الحس فقط ولا يعملون بما يقول لهم ثم ان من الاولياء من يحفظ من الشيطان فى علم الله تعالى فيكون بهذه المثابة فى العصمة مما يلقى لافى العصمة من وصول ذلك الى قلبه لان الاولياء ليسوا بمشرعين بخلاف الانبياء عصمت بواطنهم لكونهم اصحاب الشرائع قال بعض الكبار مامن شخص من بنى آدمه الا ويخطر له كل يوم وليلة سبعون ألف خاطر لاتزيد ولا تنقص عدد الملائكة الذين يدخلون البيت المعمور كل يوم فما شخص الا ويخلق من خواطره كل يوم سبعون ألف ملك ثم يرتفعون الى جهة البيت المعمور فاذا خرج السبعون ألفا من البيت المعمور كل يوم يجتمعون بالملائكة المخلوقين من الخواطر فيكون ذكرهم استغفارا لاصحابهم الى يوم القيامة ولكن من كان قلبه معمورا بذكر الله دآئما فالملائكة المخولقين من خواطره يمتازون عن الملائكة الذين خلقوا من خواطر قلب ليس له هذا المقام وسوآء كان الخاطر فيما ينبغى اوفيما لاينبغى فالقلوب كلها من هذا البيت المعمور خلقت فلا تزال معمورة دآئما وكل ملك يتكون من الخاطر يكون صورة صالحة فى علم الله لما نظر وان كان هو نفسه ملكا سبح وقد لايعلم ماخطر { ونحن أقرب اليه } اى الى الانسان { من حبل الوريد } ازرك جان وى بوى. اى اعلم بحاله ممن كان اقرب اليه من حبل الوريد وعبر عن قرب العلم بقرب الذات تجوز الا انه موجب له فاطلق الملزوم على اللازم وحبل الوريد مثل فى فرط القرب كقولهم هو منى بمعقد الازار والحبل العرق شبه بواحد من الحبال من حيث الهيئة واضافته بيانية وجوز الزمخشرى كونها بمعنى اللام ويجوز أن تكون كأضافة لجين الماء على ان يكون الحبل على حقيقته والوريدان عرقان مكتنفان لصفحتى العنق فى مقدمها متصلان بالوتين وهوعرق فى القلب اذا انقطع مات صاحبه يردان من الرأس اليه فالوريد بمعنى الوارد وقيل سمى وريد الان الروح الحيوانى يرده فالوريد حينئذ بمعنى المورود وفى المفردات الوريد عرق متصل بالكبد والقلب وفيه مجارى الروح وقوله ونحن أقرب ا ليه من حبل الوريد أى من روحه انتهى.

السابقالتالي
2 3