الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ ٱلْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ }

{ يا أيها الذين ءآمنوا لا تقتلوا الصيد } وهو عند ابى حنيفة اسم لكل ممتنع متوحش من الحيوانات سواء كان مأكول اللحم او لم يكن والمراد ما عدا الفواسق وهى العقرب والحية والغراب والفارة والكلب العقور فانها تقتل فى الحل والحرم { وانتم حرم } جمع حرام وهو المحرم وان كان فى الحل وفى حكمه من فى الحرم وان كان حلالا اى لابس حله فالمحرم لا يتصيد اصلا سواء كان فى الحل او فى الحرم بالسلاح او بالجوارح من الكلاب والطير والحلال يتصيد فى الحل دون الحرام اى حرم مكة ومقداره من قبل المشرق ستة اميال ومن الجانب الثانى اثنا عشر ميلا ومن الجانب الثالث ثمانية عشر ميلا ومن الجانب الرابع اربعة وعشرون ميلا هكذا قال الفقيه ابو جعفر. وانما ذكر القتل دون الذبح للايذان بكونه فى حكم الميتة فكل ما يقتله المحرم من الصيد لا يكون مذكى وغير المذكى لا يجوز اكله والمعنى لا تقتلوه والحال انتم محرمون { ومن } شرطية { قتله } اى الصيد المعهود البرى مأكولا كان او غير مأكول حال كون القاتل كائنا { منكم } اى من المؤمنين ولعل المقصود من التقييد بالحال توبيخ المؤمن على عدم جريانه على مقتضى ايمانه { متعمدا } حال ايضا من فاعل قتله اى ذاكرا لاحرامه عالما بحرمة قتل ما يقتله والتقييد بالتعمد مع ان محظورات الاحرام يستوى فيها الخطأ والعمد لان الاصل فعل المتعمد والخطأ لاحق به للتغليظ { فجزاء } اى فعليه جزاء وفدية { مثل ما قتل } اى مماثل لما قتل فهو صفة الجزاء والمراد به عند ابى حنيفة وابى يوسف المثل باعتبار القيمة لا باعتبار الخلقة والهيئة فيتقوم الصيد حيث صيد اوفى اقرب الاماكن اليه ان قتل فى بر لا يباع ولا يشترى فيه فان بلغت قيمته قيمة هدى تخير الجانى بان يشترى بها ما قيمته قيمة الصيد فيهديه الى الحرم وبين ان يشترى بها طعاما فيعطى كل مسكين نصف صاع من بر او صاعا من تمر وبين ان يصوم عن طعام كل مسكين يوما فان فضل ما لا يبلغ طعام مسكين تصدق به او صام عنه يوما كاملا لان الصوم مما لا يتبعض فيكون قوله تعالى { من النعم } بيانا للهدى المشترى بالقيمة على احد وجوه التخيير فان فعل ذلك يصدق عليه انه جزى بمثل ما قتل من النعم والنعم فى اللغة من الابل والبقر والغنم فاذا انفردت الابل قيل انها نعم واذا انفردت البقر والغنم لم تسم نعما { يحكم به } اى بمثل ما قتل صفة لجزاء { ذوا عدل منم } اى رجلان عدلان من المسلمين { هديا } الهدى ما يهدى الى البيت تقربا الى الله تعالى من النعم ايسره شاة واوسطه بقرة واعلاه بدنة اى ناقة وهو حال مقدرة من الضمير فى به والمعنى مقدرا انه يهدى { بالغ الكعبة } صفة لهديا لان الاضافة لفظية والاصل بالغا الكعبة ومعنى بلوغه الكعبة ذبحه بالحرم حتى لو دفع الهدى المماثل للمقتول الى فقراء الحرم لم يجز بالاتفاق بل يجب عليه ذبحه فى الحرم وله ان يتصدق به بعد ذبحه فى الحرم حيث شاء عند ابى حنيفة { أو كفارة } عطف على محل من النعم على انه خبر مبتدأ محذوف والجملة صفة ثانية لجزاء { طعام مساكين } عطف بيان لكفارة عند من لا يخصصه بالمعارف { أو عدل ذلك صياما } عطف على طعام الخ كأنه قيل فعليه جزاء مماثل للمقتول هو من النعم او طعام مساكين او صيام ايام بعددهم فحينئذ تكون المماثلة وصفا لازما للجزاء يقدر به الهدى والطعام والصيام.

السابقالتالي
2 3