الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَٱحْفَظُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

{ لا يؤاخذكم الله باللغو فى ايمانكم } اليمين تقوية احد الطرفين بالمقسم به واللغو فى اليمين الساقط الذى لا يتعلق به حكم وهو عند الامام الاعظم ان يحلف على شىء يظن انه كذلك وليس كما يظن مثل ان يرى الشىء من بعيد فيظن انه كذا فيقول والله انه كذا فاذا هو بخلافه فلا مؤاخذة فى هذا اليمين باثم ولا كفارة واما الغموس وهى حلفه على امر ماض او حال كذبا عمدا مثل قوله والله لقد فعلت كذا وهو لم يفعله وعكسه ومثل والله ما لهذا على دين وهو يعلم ان له عليه دينا فحكمها الاثم لانها كبيرة قال عليه السلام " من حلف كاذبا ادخله الله النار ولا كفارة فيها الا التوبة ". قوله فى ايمانكم صلة يؤاخذكم كما ان باللغو صلة له اى لا يؤاخذكم فى حق ايمانكم بسبب ما كان لغوا منها بان لا يتعلق بها حكم دنيوى ولا اخروى { ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان } اى بتقيدكم الايمان وتوثيقا بالقصد والنية والمعنى ولكن يؤاخذكم بما عقدتموها اذا حنثتم او بنكث او نقض ما عقدتم فحذف للعلم به وهذا اليمين هى اليمين المنعقدة وهى الحلف على فعل امر او تركه فى المستقبل { فكفارته } اى الفعلة التى تذهب اثمه وتستره وعند الامام لا يجوز التكفير قبل الحنث لقوله عليه السلام " من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا منها فليأت الذى هو خير ثم ليكفر عن يمينه " { إطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون أهليكم } محل من اوسط النصب لانه صفة مفعول محذوف تقديره ان تطعموا عشرة مساكين طعاما كائنا من اوسط ما تطعمون من فى عيالكم من الزوجة والاولاد والخدم اى من اقصده فى النوع او المقدار وهو نصف صاع من بر لكل مسكين كالفطرة ولو اطعم فقيرا واحدا عشرة ايام اجزأه ولو اعطاه دفعة لا يجوز الا عن يوم واحد { او كسوتهم } عطف على اطعام فيكسو كل واحد من العشرة ثوبا يستر عامة بدنه وهو الصحيح ولا يجزىء السراويل لان لابسه يسمى عريانا عرفا { أو تحرير رقبة } اى او اعتاق انسان كيف ما كان مؤمنا كان او كافرا او انثى صغيرا او كبيرا ولا يجوز الاعمى والاصم الذى لا يسمع اصلا والاخرس لفوات جنس المنفعة ومقطوع اليدين او ابهاميهما او الرجلين او يد ورجل من جانب واحد ومجنون مطبق لان الانتفاع ليس الا بالعقل ومدبر وام ولد لاستحقاقهما الحرية بجهة فكان الرق فيهما ناقصا ومكاتب ادى بعضا لانه تحرير بعوض فيكون تجارة والكفارة عبادة فلا بد ان تكون خالصة لله تعالى وكذا لا يجوز له تركها جميعا ومتى اتى بواحدة منها فانه يخرج عن العهدة فاذا اجتمعت هذه القيود الثلاثة فذاك هو الواجب المخير { فمن لم يجد } اى شيئاً من الامور المذكورة { فصيام } اى فكفارته صيام { ثلثة ايام } متتابعات عند الامام الاعظم { ذلك } اى الذى ذكرت لكم وامرتكم به { كفارة أيمانكم إذا حلفتم } وحنثتم { واحفظوا ايمانكم } بان تضنوا بها ولا تبذلوها لكل امر وبان تبروا فيها ما استطعتم ولم يفت بها خير فان عجز عن البرّ او رأى غير المحلوف عليه خيرا منه فله حينئذ ان يحنث ويكفر كما قال الفقهاء من اليمين المنعقدة ما يجب فيه البر كفعل الفرائض وترك المعاصى لان ذلك فرض عليه فيتأكد باليمين.

السابقالتالي
2 3