الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ }

{ وقالت اليهود } قال المفسرون ان الله تعالى قد بسط النعمة على اليهود حتى كانوا من اكثر الناس مالا واخصبهم ناحية فلما عصوا الله فى شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبوه كف الله عنهم ما بسط عليهم من النعمة فعند ذلك قالت اليهود { يد الله مغلولة } اى مقبوضة ممسكة عن العطاء. وغل اليد وبسطها مجاز عن محض البخل والجود من غير قصد فى ذلك الى اثبات يد وغل او بسط قال الله تعالىولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } الإسراء 29. اى لا تمسكها عن الانفاق { غلت ايديهم } دعاء عليهم بالبخل المذموم والمسكة اى امسكت ايديهم عن الانفاق فى الخير وجعلوا بخلاء واليهود ابخل الناس ولا امة ابخل منهم { ولعنوا } اى ابعدوا وطردوا من رحمة الله تعالى { بما قالوا } اى بسبب ما قالوا من الكلمة الشنعاء وهذا الدعاء عليهم تعليم للعباد والا فهو اثر العجز تعالى الله عن ذلك علوا كبير { بل يداه مبسوطتان } اى ليس شأنه عز وجل كما وصفتموه بل هو موصوف بغاية الجود ونهاية الفضل والاحسان وهذا المعنى انما يستفاد من تثنية اليد فان غاية ما يبذله السخى من ماله ان يعطيه بيديه جميعا ويد الله من المتشابهات وهى صفة من صفات الله تعالى كالسمع والبصر والوجه ويداه فى الحقيقة عبارة عن صفاته الجمالية والجلالية وفى الحديث " كلتا يديه يمين ".
اديم زمين سفره عام اوست برين خوان يغما جه دشمن جه دوست   
{ ينفق كيف يشاء } اى هو مختار فى انفاقه يوسع تارة ويضيق اخرى على حسب مشيئته ومقتضى حكمته وقد اقتضت الحكمة بسبب ما فيهم من شؤم المعاصى ان يضيق عليهم وفى المثنوى
جونكه بدكردى بترس ايمن مباش زانكه تخسمت وبروياند خداش جند كاهى او بيوشاند كه تا آيدت زان بديشيمان وحيا بارها بوشد بى اظهار فضل باز كيرد ازبى اظهار عدل تاكه اين هر دوصفت ظاهرشود آن مبشر كردد اين منذر شود   
{ وليزيدن كثيرا منهم } وهم علماؤهم ورؤساؤهم. قوله كثيرا مفعول اول ليزيدن { ما انزل اليك من ربك } وهو القرآن وما فيه من الاحكام وهو فاعل يزيدن { طغيانا وكفرا } مفعول ثان للزيادة اى ليزيدنهم طغيانا على طغيانهم وكفرا على كفرهم القديمين اما من حيث الشدة والغلو واما من حيث الكم والكثرة اذ كلما نزلت آية كفروا بها فيزداد طغيانهم وكفرهم بحسب المقدار كما ان الطعام الصالح للاصحاء يزيد المرضى مرضا { والقينا بينهم } اى بين اليهود فان بعضهم جبرية وبعضهم قدرية وبعضهم مرجئة وبعضهم مشبهة اما الجبرية فهم الذين ينسبون فعل العبد الى الله تعالى ويقولون لا فعل للعبد اصلا ولا اختيار وحركته بمنزلة حركة الجمادات.

السابقالتالي
2