{ لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم } لا غير كما يقال الكرم هو التقوى نزلت فى نصارى نجران وهم اليعقوبية القائلون بانه تعالى قد يحل فى بدن انسان معين او فى روحه { قل } يا محمد تبكيتا لهم ان كان الامر كما تزعمون { فمن } استفهامية انكارية { يملك } الملك الضبط والحفظ التام عن حزم اى يمنع { من الله } اى من قدرته وارادته { شيئاً } وحقيقته فمن يستطيع ان يمسك شيئاً منها { ان اراد ان يهلك المسيح ابن مريم وامه ومن فى الارض جميعا } احتج بذلك على فساد قولهم وتقريره ان المسيح مقدور مقهور قابل للفناء كسائر الممكنات ومن كان كذلك فهو بمعزل عن الالوهية وكيف يكون إلٰه من لا يقدر على دفع الهلاك عن نفسه ولا عن غيره والمراد بالاهلاك الاماتة والاعدام مطلقا لا بطريق السخط والغضب ولعل انظم امه فى سلك من فرض ارادة اهلاكهم مع تحقق هلاكها قبل ذلك لتأكيد التبكيت وزيادة تقرير مضمون الكلام بجعل حالها انموذجا لحال بقية من فرض اهلاكه كأنه قيل قل فمن يملك من الله شيئاً ان اراد ان يهلك المسيح ابن مريم وامه ومن فى الارض وقد اهلك امه فهل مانعه احد فكذا حال من عداها من الموجودين { ولله ملك السموات والارض وما بينهما } اى ما بين قطرى العالم الجسمانى لا بين وجه الارض ومقعر فلك القمر فقط فيناول ما فى السموات من الملائكة وما فى اعماق الارض والبحار من المخلوقات وهو تنصيص على كون الكل تحت قهره تعالى وملكوته اثر الاشارة الى كون البعض اى من فى الارض كذلك اى له تعالى وحده ملك جميع الموجودات والتصرف المطلق فيها ايجادا واعداما واحياء واماتة لا لاحد سواه استقلالا ولا اشتراكا فهو تحقيق لاختصاص الالوهية به تعالى اثر بيان انتفائها عن كل ما سواه { يخلق ما يشاء } اى يخلق ما يشاء من انواع الخلق والايجاد على ان ما نكرة موصوفة محلها النصب على المصدرية لا على المفعولية كأنه قيل يخلق أى خلق يشاؤه فتارة يخلق من غير اصل كخلق السموات والارض واخرى من اصل كخلق ما بينهما فينشىء من اصل ليس من جنس كخلق آدم وكثير من الحيوانات ومن اصل يجانسه اما من ذكر وحده كخلق حواء او انثى وحدها كخلق عيسى او منهما كخلق سائر الناس ويخلق بلا توسط شىء من المخلوقات كخلق عامة المخلوقات وقد يخلق بتوسط مخلوق آخر كخلق الطير على يد عيسى معجزة له واحياء الموتى وابراء الاكمه والابرص وغير ذلك فينسب كل اليه تعالى لا الى من اجرى ذلك على يده { والله على كل شىء قدير } اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله وفى المثنوى