الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ فبما نقضهم ميثاقهم } اى فبسب نقض اليهود عهدهم وهو انهم كذبوا الرسل بعد موسى وقتلوا الانبياء ونبذوا الكتاب وضيعوا فرائضه وما مزيدة لتأكيد الكلام وتمكينه فى النفس { لعناهم } اى طردناهم وابعدناهم من رحمتنا او مسخناهم قردة وخنازير او اذللناهم بضرب الجزية عليهم { وجعلنا قلوبهم قاسية } اى غليظة شديدة بحيث لا تتأثر من الآيات والنذر وحجر قاس اى صلب غير لين { يحرفون الكلم عن مواضعه } استئناف لبيان قسوة قلوبهم فانه لا قسوة اشد من تغيير كلام الله والافتراء عليه والمراد بالتحريف اما تبديلهم نعت النبى صلى الله عليه وسلم واما تبديلهم بسوء التأويل وقد سبق فى سورة البقرة { ونسوا حظا } اى وتركوا نصيبا وافرا { مما ذكروا به } من التوراة او من اتباع محمد عليه السلام والمعنى انهم حرفوا التوراة وتركوا حظهم مما انزل عليهم فلم ينالوه. وقيل معناه انهم حرفوها فتركت بشؤمه اشياء منها عن حفظهم لما روى عن ابن مسعود رضى الله عنه قال قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية وتلا هذه الآية ـ روى ـ ان الله تعالى غير العلم على امية بن ابى الصلت وكان من بلغاء الشعراء كان نائما فاتاه طائر وادخل منقاره فى فيه فلما استيقظ نسى جميع علومه قال الحافظ
نه من زبى عملى درجهان ملولم وبس ملالت علما هم زعلم بى عملست   
واعلم ان العلماء العاملين والمشايخ الواصلين لا يزالون يذكرون الناس كل عصر يوم الميثاق ومخاطبة الحق اياهم تشويقا لهم الى تلك الاحوال فمن سامع ومن معرض فالسامع لكونه معرضا عن الدنيا والعقبى وصل الى جوار المولى فكان مقبولا مرحوما والمعرض لكونه مقبلا على ما سوى المولى لم ينل شيأ فكان مردودا ملعونا لانه نقض عهده مع الله سبحانه وتعالى وفى المثنوى
بى وفايى جون سكانرا عاربود بى وفايى جون رو ادارى نمود حق تعالى فخر آورد ازوفا كفت من اوفى بعهد غيرنا   
{ ولا تزال تطلع على خائنة منهم } اى خيانة على انها مصدر كاللاغية والكاذبة قال الله تعالىلا تسمع فيها لاغية } الغاشية 11. اى لغوا والمعنى ان الغدر والخيانة عادة مستمرة لهم ولاسلافهم بحيث لا يكادون يتركونها او يكتمونها فلا تزال ترى ذلك منهم { الا قليلا منهم } لم يخونوا وهم الذين آمنوا منهم كعبد الله بن سلام واضرابه وهو استثناء من الضمير المجرور فى منهم { فاعف عنهم واصفح } اى اعرض عنهم ولا تتعرض لهم بالمعاقبة والمؤاخذة ان تابوا وآمنوا او عاهدوا والتزموا الجزية وقيل مطلق نسخ بآية السيف وهو قوله تعالىقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } التوبة 29. { ان الله يحب المحسنين } تعليل للامر بالصفح وحث على الامتثال وتنبيه على ان العفو عن الكافر الخائن احسان فضلا عن العفو عن غيره قال السعدى

السابقالتالي
2