الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

{ يا ايها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم } متعلق بنعمة الله { اذ همّ قوم } ظرف لنفس النعمة اى اذكروا انعامه عليكم فى وقت همهم وقصدهم { ان يبسطوا اليكم ايديهم } اى بان يبطشوا بكم بالقتل والاهلاك يقال بسط اليه يده اذا بطش به وبسط اليه لسانه اذا شتمه { فكف ايديهم عنكم } عطف على هم وهو النعمة التى اريد تذكيرها وذكر الهم ايذان بوقوعها عند مزيد الحاجة اليها والفاء للتعقيب المفيد لتمام النعمة وكمالها اى منع ايديهم ان يمدوا اليكم عقيب همهم بذلك لا انه كفها عنكم بعدما مدوها اليكم. وفيه من الدلالة على كمال النعمة من حيث انها لم تكن مشوبة بضرر الخوف والانزعاج الذى قلما يعرى عنه الكف بعد المد ما لا يخفى مكانه وذلك ما روى ان المشركين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه بعسفان فى غزوة ذى انمار وغزوة ذات الرقاع وهى السابعة من مغازيه عليه السلام قاموا الى الظهر معا فلما صلوا ندم المشركون على ان لا كانوا قد اكبوا عليهم فقالوا ان لهم بعدها صلاة هى احب اليهم من آبائهم وابنائهم يعنون صلاة العصر وهموا ان يوقعوا بهم اذا قاموا اليها فردهم الله تعالى بكيدهم بان انزل صلاة الخوف. وقيل هو ما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى بنى قريظة ومعه الشيخان وعلى رضى الله عنهم يستقرضهم لدية مسلمين قتلهما عمرو بن امية الضمرى خطأ يحسبهما مشركين فقالوا انعم يا ابا القاسم اجلس حتى نطعمك ونعطيك ما سألت فاجلسوه فى صفة وهموا بقتله وعمد عمرو بن جحاش الى رحى عظيمة يطرحها عليه فامسك الله تعالى يده ونزل جبريل فاخبر فخرج النبى عليه السلام. وقيل هو ما " روى انه صلى الله عليه وسلم نزل منزلا وتفرق اصحابه فى الفضى يستظلون بها فعلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه بشجرة فجاء اعرابى فاخذه وسله فقال من يمنعك منى فقال عليه السلام " الله " فاسقطه جبريل عليه السلام من يده فاخذه الرسول عليه السلام فقال " من يمنعك منى " فقال لا احد اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله " { واتقوا الله } عطف على اذكروا اى اتقوه فى رعاية حقوق نعمته فلا تخلوا بشكرها { وعلى الله } اى عليه تعالى خاصة دون غيره استقلالا واشتراكا { فليتوكل المؤمنون } فانه يكفيهم فى ايصال كل خير ودفع كل شر. واعلم ان التوكل عبارة عن الاعتصام بالله تعالى فى جميع الامور ومحله القلب والحركة بالظاهر لا تنافى توكل القلب بعدما تحقق للعبد ان التقدير من قبل الله فان تعسر شىء فبتقديره.

السابقالتالي
2