الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }

{ ما جعل الله } هو الجعل التشريعى ويتعدى الى واحد اى ما شرع وما وضع وما سن { من } مزيدة لتأكيد النفى { بحيرة } كان اهل الجاهلية اذا نتجت الناقة خمسة ابطن آخرها ذكر بحروا اذنها اى شقوها وحرموا ركوبها ودرها ولا تطرد عن ماء ولا مرعى فهى فعيلة من البحر وهو الشق بمعنى المفعولة { ولا سائبة } كان الرجل منهم يقول اذا قدمت من سفرى او برئت من مرضى فناقتى سائبة وجعلها كالبحيرة فى تحريم الانتفاع بها فهى فاعلة من قولهم ساب الماء يسيب سيبا اذا جرى على وجه الارض ويقال ايضا سابت الحية فالسائبة هى التى تركت حتى تسيب حيث شاءت { ولا وصيلة } كانوا اذا ولدت الشاة انثى فهى لهم وان ولدت ذكرا فهو لآلهتهم وان ولدت ذكرا وانثى قالوا وصلت اخاها واستحيوا الذكر من اجل الانثى فلا يذبح لآلهتهم. فمعنى الآية ما جعل الله انثى تحلل ذكرا محرما عند الانفراد فهى فعيلة بمعنى فاعلة { ولا حام } كانوا اذا نتجت من صلب الفحل عشرة ابطن قالوا قد حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا مرعى فهو اسم فاعل من حمى يحمى اى منع يقال حماه يحميه اذا حفظه { ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب } اى يكذبون عمدا حيث يفعلون ما يفعلون ويقولون الله امرنا بهذا وامامهم عمرو بن لحى الخزاعى فانه كان اقدم من ملك مكة وكان اول من غير دين اسماعيل فاتخذ الاصنام ونصب الاوثان وشرع البحيرة والسائبة والوصيلة والحامى ـ روى ـ انه عليه السلام قال فى حقه " رأيت عمرو بن لحى الخزاعى يجر قصبه فى النار يؤذى اهل النار بريح قصبه ". والقصب المعى هذا شأن رؤسائهم وكبارهم { وأكثرهم } وهم اراذلهم الذين يوقعونهم فى معاصى رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يعقلون } انه افتراء باطل حتى يخالفوهم ويهتدوا الى الحق بانفسهم فيبقون فى اسر التقليد { واذا قيل لهم } اى للاكثر على سبيل الهداية والارشاد { تعالوا الى ما انزل الله } من الكتاب المبين للحلال والحرام { والى الرسول } الذى انزل هو عليه لتقفوا على حقيقة الحال وتميزوا الحرام من الحلال { قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا } بيان لعنادهم واستعصائهم على الهادى الى الحق وانقيادهم للداعى الى الضلال. وحسبنا مبتدأ وما وجدنا خبره وهو فى الاصل مصدر والمراد به اسم الفاعل اى كافينا الذى وجدنا عليه آباءنا { أولو كان ءآباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون } الواو للعطف على شرطية اخرى مقدرة قبلها والتقدير أيحسبهم ذلك اى أيكفيهم وجدان آبائهم على هذا المقال او أيقولون هذا القول ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً من الدين ولا يهتدون للصواب والمعنى ان الاقتداء انما يكون بمن علم انه عالم مهتد وذلك لا يعرف الا بالحجة.

السابقالتالي
2