الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ قالت الأعراب آمنا } الاعراب اهل البادية وقد سبق تفصيله فى سورة الفتح والحاق التام بالفعل المسند اليهم مع خلوه عنها فى قولهوقال نسوة فى المدينة } للدلالة على نفصان عقلهم بخلافهن حيث لمن امرأة العزيز فى مراودتها فتاها وذلك يليق بالعقلاء نزلت فى نفر من بنى اسد قدموا المدينة فى سنة جدب فأظهروا الشهادتين فكانوا يقولون لرسول الله عليه السلام اتتك العرب بأنفسها على ظهور رواحلها واتيناك بالاثقال والعيال والذرارى ولم نقاتلك كما قتلك بنوا فلان يرون الصدق ويمنون عليه عليه السلام ما فعلوا { قل } ردا لهم { لم تؤمنوا } اذ الايمان هو التصديق بالله وبرسوله المقارن للثقة بحقيقة المصدق وطمأنينة القلب ولم يحصل لكم ذلك والا لما مننتم على ما ذكرتم من الاسلام وترك المقاتلة كما ينبئ عنه آخر السورة يعنى ان التصديق الموصوف مسبوق بالعلم بقبح الكفر وشناعة المقاتلة وذلك يأبى المن وترك المقاتلة فان العاقل لا يمن بترك ما يعلم قبحه { ولكن قولوا أسلمنا } اسلم بمعنى دخل فى السلم كأصبح وامسى وأشتى اى قولوا دخلنا فى السلم والصلح والانقياد مخافة أنفسنا فان الاسلام انقياد ودخول فى السلم واظهار الشهادة وترك المحاربة مشعر به اى بالانقياد والدخول المذكور وايثار ما عليه النظم الكريم على أن يقال لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا او لم تؤمنوا ولكن اسلمتم ليتقابل جملتا الاستدراك للاحتراز عن النهى عن التلفظ بالايمان فأن ظاهره مستقبح سيما ممن بعث للدعوة الى القول به وللتفادى عن اخراج قولهم مخرج التسليم والاعتداد به مع كونه تقولا محضا قال سعدى المفتى والظاهر ان النظم من الاحتباك حذف من الاول ما يقابل الثانى ومن الثانى ما يقابل الاول والاصل قل لم تؤمنوا فلا تقولوا آمنا ولكن أسلمتم فقولوا أسلمنا وهذا من اختصارات القرءآن { ولما يدخل الايمان فى قلوبكم } حال من ضمير قولوا اى ولكن قولوا أسلمنا حل عدم مواطأة قلوبكم لألسنتكم وما فى لما من معنى التوقع مشعر بأن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد { ولما يدخل الايمان فى قلوبكم } حال من ضمير قولوا اى ولكن قولوا أسلمنا حال عدم مواطأة قلوبكم لألسنتكم وما فى لما من معنى التوقع مشعر بأن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد { وأن تطيعوا الله ورسوله } بالاخلاص وترك النفاق { لا يلتكم من اعمالكم شيئا } اى لا ينقصكم شيأ من اجورها من لات يليت ليتا اذا نقص قال الامام معنى قوله لا يلتكم انكم ان اتيتم بما يليق بضعفكم من الحسنة المقرونة بالاخلاص وترك النفاق فهو تعالى يأتكم بما يليق بفضله من الجزآء لا ينقص منه نظرا الى ما فى حسناتكم من النقصان والتقصير وهذا لان من حمل الى ملك فاكهة طيبة يكون ثمنها فى السوق درهما مثلا وأعطاه الملك درهما او دينارا انتسب الملك الى قلة العطاء بل الى البخل فليس معنى الآية أن يعطى من الجزآء مثل عملكم من غير نقص بل المعنى يعطى ما تتوقعون بأعمالكم من غير نقص ويؤيد ما قاله قوله تعالى { ان الله غفور } لما فرط من المطيعين { رحيم } بالتفضل عليهم قال فى بحر العلوم فى الآية ايذان بأن حقيقة الايمان التصديق بالقلب وان الاقرار باللسان واظهار شرآئعه بالايذان ليس بأيمان وفى التأويلات النجمية يشير الى ان حقيقة الايمان ليست مما يتناول باللسان بل هو نور يدخل القلوب اذا شرح الله صدر العبد للاسلام كما قال تعالى

السابقالتالي
2 3