الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }

{ إنما المؤمنون اخوة } جمع الاخ واصله المشارك لآخر فى الولادة من الطرفين او من احدهما او من الرضاع ويستعار فى كل مشارك لغيره فى القبيلة او فى الدين او فى صنعة او فى معاملة اوفى مودة او فى غير ذلك من المناسبات والفرق بين الخلة والاخوة ان الصداقة اذ قويت صارت اخوة فان ازدادت صارت خلة كما فى احياء العلوم وسئل الجنيد قدس سره عن الاخ فقال هو انت فى الحقيقة الا انه غيرك فى الشخص قال بعض اهل اللغة الاخوة جمع الاخ من النسب والاخوان جمع الاخ من الصداقة ويقع احدهما موقع الآخر وفى الحديث " وكونوا عباد الله اخوانا " والمعنى انما المؤمنون منتسبون الى اصل واحد هو الاب الموجب للحياة الفانية فالآية من قبيل التشبيه البليغ المبتنى على تشبيه الايمان بالاب فى كونه سبب الحياة كالاب { فأصلحوا بين اخويكم } الفاء للايذان بأن الاخوة الدينية موجبة للاصلاح ووضع المظهر مقام المضمر مضافاً الى المأمورين للمبالغة فى تأكيد وجوب الاصلاح والتحضيض عليه وتخصيص الاثنين بالذكر لاثبات وجوب الاصلاح فيما فوق ذلك بطريق الاولوية لتضاعف الفتنة والفساد فيه { واتقوا الله } فى كل ما تأتون وما تذرون من الامور التى من جملتها ما امرتم به من الاصلاح وفى التاويلات النجمية واتقوا الله فى اخوتكم فى الدين بحفظ عهودهم ورعاية حقوقهم فى المشهد والمغيب والحياة والممات { لعلكم ترحمون } راجين ان ترحموا على تقواكم كما ترحمون. واعلم ان اخوة الاسلام اقوى من اخوة النسب بحيث لا تعتبر اخوة النسب اذا خلت عن اخوة الاسلام الا ترى انه اذا مات المسلم وله اخ كافر يكون ماله للمسلمين لا لاخيه الكافر وكذا اذا مات اخ الكافر وذلك لان الجامع الفاسد لا يفيد الاخوة وان المعتبر الاصلى الشرعى الا يرى ان ولدى الزنى من رجل واحد لا يتوارثان وهذا المعنى يستفاد من الآية ايضا لان انما للحصر فكأنه قيل لا اخوة الا بين المؤمنين فلا اخوة بين المؤمن والكافر وكسب المرتد حال اسلامه لوارثه المسلم لاستناده الى ما قبل الردة فيكون توريث المسلم من المسلم واما كسبه حال ردته فهو فيئ يوضع فى بيت المال لانه وجد بعد الردة فلا يتصور اسناده الى ما قبلها وفى الحديث " كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة الا سببى ونسبى " مراد باين نسب دين وتقواست نه نسب آب وكل والا ابو لهب رادر ان نصيب بودى، كما فى كشف الاسرار قال بعض الكبار القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاثة اقسام لانها اما قرابة فى الصورة فقط او فى المعنى فقط او فى الصورة والمعنى فاما القرابة فى الصورة فلا يخلو اما ان تكون بحسب طينته كالسادات الشرفاء او بحسب دينه وعلمه كالعلماء والصالحين والعباد وسائر المؤمنين وكل منهما نسبة صورية واما قرابته عليه السلام فى المعنى فهم الاولياء لان الولى هو ولده الروحى القائم بما تهيأ لقبوله من معناه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3