الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لِّتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً }

{ لتؤمنوا بالله ورسوله } الخطاب للنبى عليه السلام ولأمته فيكون تعميما للخطاب بعد التخصيص لان خطاب ارسلناك للنبى خاصة ومثله قوله تعالىيا ايها النبى اذا طلقتم النساء } خصه عليه السلام بالندآء ثم عمم الخطاب على طريق تغليب المخاطب على الغائبين وهم المؤمنون فدلت الآية على انه عليه السلام يجب أن يؤمن برسالة نفسه كما ورد فى الحديث انه عليه السلام " أشهد انى عبد الله ورسوله " قال السيلى فى الامالى انما عرف نبوة نفسه بعد معرفته بجبريل وايمانه به اى بالعلم الضرورى فاذا عرف نبوة نفسه وآمن بها وجب عليه أن يؤمن بما أنزل اليه من ربه كما قال تعالىآمن الرسول بما أنزل اليه من ربه } ويجوز ان يكون الخطاب للامة فقط فان قلت كيف يجوز تخصيصهم الخطاب الثانى بالامة فى مقام توجيه الخطاب الاول اليه عليه السلام بخصوصه قلت ان خطاب رئيس القوم بمنزلة خطاب من معه من اتباعه فجاز أن يخاطب الاتباع فى مقام تخصيص الرسل بالخطاب لان المقصود سماعهم { وتعزروه } وتقووه تعالى بتقوية دينه ورسوله قال فى المفردات التعزير النصرة من التعظيم قال تعالى { وتعزروه } والتعزير دون الحد وذلك يرجع الاول فان ذلك تأديب والتأديب نصرة بقهر عدوه فان افعال الشر عدو الانسان فمتى قمعته عنها فقد نصرته وعلى هذا الوجه قال النبى عليه السلام " انصر اخاك ظالما او مظلوما " فقال أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما قال " تكفه عن الظلم " انتهى وفى القاموس التعزير ضرب دون الحد او هو أشد الضرب والتفخيم والتعظيم ضد والاعانة كالعزر والتقوية والنصر انتهى وقال بعضهم اصله المنع ومنه التعزير فانه منع من معاودة القبيح يعنى وتمنعوه تعالى اى دينه ورسوله حتى لا يقوى عليه عدو { وتوقروه } وتعظموه باعتقاد أنه متصف بجميع صفات الكمال منزه عن جميع وجوه النقصان قال فى القاموس التوقير التبجيل والوقار كسحاب الرزانة انتهى يعنى السكون والحلم فأصله من الوقر الذى هو الثقل فى الاذن { وتسبحوه } وتنزهوه تعالى عما لا يليق به ولا يجوز اطلاقه عليه من الشريك والولد وسائر صفات المخلوقين او تصلوا له من السبحة وهى الدعاء وصلاة التطوع قال فى القاموس التسبيح الصلاة ومنه فلولا انه كان من المسبحين اى من المصلين { بكرة واصيلا } اى غدوة وعشيا فالبكرة اول النهار والاصيل آخره او دآئما فانه يراد بهما الدوام وعن ابن عباس رضى الله عنهما صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر وفى عين المعانى البكرة صلاة الفجر والأصيل الصلوات الاربع فتكون الآية مشتملة على جميع الصلوات المفروضة وجوز بعض اهل التفسير ان يكون ضمير وتعزروه وتوقروه للرسول عليه السلام ولا وجه له لانه تفكيك اذ ضمير رسوله وتسبحوه لله تعالى قطعا وعلى تقدير أن يكون له وجه فمعنى تعظيم رسول الله وتوقيره حقيقة اتباع سنته فى الظاهر والباطن والعلم بانه زبدة الموجودات وخلاصتها وهو المحبوب الازلى وما سواه تبع له ولذا ارسله تعالى شاهدا فانه لما كان اول مخلوق خلقه الله كان شاهدا بوحدانية الحق وربوبيته وشاهدا بما اخرج من العدم الى الوجود من الارواح والنفوس والاجرام والاركان والاجسام والاجساد والمعادن والنبات والحيوان والملك الجن والشيطان والانسان وغير ذلك لئلا يشذ عنه ما يمكن للمخلوق دركه من اسرار افعاله وعجائب صنعه وغرآئب قدرته بحيث لا يشاركه فيه غيره ولهذا قال عليه السلام

السابقالتالي
2 3