الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوۤاْ إِيمَٰناً مَّعَ إِيمَٰنِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }

{ هو الذي أنزل السكينة } بيان لما افاض عليهم من مبادى الفتح من الثبات والطمأنينة يعنى انزلها { فى قلوب المؤمنين } بسبب الصلح والامن بعد الخوف لانهم كانوا قليلى العدة بسبب انهم معتمرون وكان العدو مستعدين لقتالهم مع ما لهم من القوة والشوكة وشدة البأس فثبتوا وبايعوا على الموت بفضل الله تعالى وقال الكاشفى ونحوه جون در صلح حديبية صحابة خالى ازدغدغه وترددى نبودند خق سبحانه وتعالى فرمود هو الذى الخ. فالمراد ثبتوا واطمأنوا بعد ان ماجوا وزلزلوا حتى عمر الفاروق رضى الله عنه على ما عرف فى القصة وذلك القلق والاضطراب انما هو لما دهمهم من صد الكفار ورجوعهم دون بلوغ مقصودهم وكانوا يتوقعون دخول مكة فى ذلك العام آمنين للرؤيا التى رآها عليه السلام على ما سبق { ليزدادوا } تازيادت كند { ايمانا } مفعول يزدادوا كما فى قوله تعالىوازدادوا تسعا } { مع ايمانهم } اى يقينا منضما الى يقينهم الذى هم عليه برسوخ العقيدة واطمئنان النفس عليها ومن ثمة قال عليه السلام " لو وزن ايمان ابى بكر مع الثقلين لرجح " وكلمة مع فى ايمانهم ليست على حقيقتها لان الواقع فى الحقيقة ليس انضمام يقين الى يقين لامتناع اجتماع المثلين بل حصول نوع يقين اقوى من الاول فان له مراتب لا تحصى من اجلى البديهيات الى اخفى النظريات ثم لا ينفى الاول ما قلنا وذلك كما فى مراتب البياض ما حقق فى مقامه فيها استعارة او المعنى أنزل فيها السكون الى ما جاء به النبى عليه السلام من الشرآئع ليزدادوا ايمانا بها مقرونا مع ايمانهم بالوحدانية واليوم الآخر فكان القرآن حينئذ على حقيقتها والقرآن فى الحقيقة لتعلق الايمان بزيادة متعلقة فلا يلزم اجتماع المثلين وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان اول ما اتاهم به النبى عليه السلام التوحيد ثم الصلاة والزكاة ثم الحج والجهاد حتى اكمل لهم دينهم كما قالاليوم اكملت لكم دينكم } فازدادوا ايمانا مع ايمانهم فكان الايمان يزيد فى ذلك الزمان بزيادة الشرائع والاحكام واما الآن فلا يزيد ولا ينقص بل يزيد نوره ويقوى بكثرة الاعمال وقوة الاحوال فهو كالجوهر الفرد فكما لا يتصور الزيادة و النقصان فى الجوهر الفرد من حيث هو فكذا فى الايمان واما قوله تعالىومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله } فالكفر بالطاغوت هو عين الايمان بالله فى الحقيقة فلا يلزم ان يكون الايمان جزءا قال بعض الكبار الايمان الحقيقى هو ايمان الفطرة التى فطر الله الناس عليها لا تبديل لها ويتحقق بالخاتمة وما بينهما يزيد الايمان فيه وينقص والحكم للخاتمة لانها عين السابقة فيحمل قول من قال ان الايمان لا يزيد ولا ينقص على ايمان الفطرة الذى حقيقته ما مات عليه ويحمل قول من قال ان الايمان يزيد وينقص على الحالة التى بين السابقة والخاتمة من حين يتعقل التكاليف فتأمل ذلك فانه نفيس انتهى وقال حضرة الهدائى قدس سره فى مجالسة المنيفة ليزداد ايمانا وجدانيا ذوقيا عينيا مع ايمانهم العلمى الغيبى فان السكينة نور فى القلب يسكن به الى ما شاهده ويطمئن وهو من مبادى عين اليقين بعد علم اليقين كأنه وجدان يقينى معه لذة وسرور وفى المفردات قيل ان السكينة ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه كما ورد ان السكينة لتنطق على لسان عمر وقال بعض الكبار السكينة تطلق على ثلاثة اشياء بالاشتراك اللفظى او لها ما اعطى بنوا اسرائيل فى التابوت كما قال تعالى

السابقالتالي
2 3