الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } * { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }

{ هو } اى الله تعالى وحده { الذى ارسل رسوله } يعنى ان الله تعالى بجلال ذاته وعلو شأنه اختص بارسال رسوله الذى لا رسول احق منه باضافته اليه { بالهدى } اى كونه ملتبسا بالتوحيد وهو شهادة ان لا اله الا الله فيكون الجار متعلقا بمحذوف او بسببه ولاجله فيكون متعلقا بأرسل { ودين الحق } اى وبدين الاسلام وهو من قبيل اضافة الموصوف الى صفته مثل عذاب الحريق والاصل الدين الحق والعذاب المحرق ومعنى الحق الثابت الذى هو ناسخ الاديان ومبطلها { ليظهره على الدين كله } اللام فى الدين للجنس اى ليعلى الدين الحق ويغلبه على جنس بجميع افراده التى هى الاديان المختلفة بنسخ ما كان حقا من بعض الاحكام المتبدلة بتبدل الاعصار واظهار بطلان ما كان باطلا او بتسليط المسلمين على اهل سائر الاديان ولقد انجز الله وعده حيث جعله بحيث لم يبق دين من الاديان الا وهو مغلوب مقهور بدين الاسلام ولا يبقى الا مسلم او ذمة للمسلمين وكم ترى من فتوح اكثر البلاد وقهر الملوك الشداد ما تعرف به قدرة الله تعالى وفى الآية فضل تأكيد لما وعد من الفتح وتوطين لنفوس المؤمنين على انه سيفتح لهم من البلاد ويعطيهم من الغلبة على الاقاليم ما يستقلون اليه فتح مكة وقد انجز كما اشير اليه آنفا. واعلم ان قوله ليظهره اثبات السبب الموجب للارسال فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا لان افعال الله تعالى ليست بمعللة بالاغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليلة فنزل ترتب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الغرض على ما غرض له { وكفى بالله } اى الذين له الاحاطة بجميع صفات الكمال { شهيدا } على ان ما وعده كائن لا محالة او على نبوته عليه السلام باظهار المعجزات وان لم يشهد الكفار وعن ابن عباس رضى الله عنهما شهد له بالرسالة وهو قوله { محمد رسول الله } فمحمد مبتدأ ورسول الله خبره وهو وقف تام والجملة مبينة للمشهود به وقيل محمد خبر مبتدأ محذوف وقوله رسول الله بدل او بيان او نعت اى ذلك الرسول المرسل بالهدى ودين الحق محمد رسول الله قال فى تلقيح الاذهان اعلم الله سبحانه محمدا عليه السلام انه خلق الموجودات كلها من اجله اى من اجل ظهوره اى من اجل تجليه به حتى قال " ليس شئ بين السماء والارض الا يعلم انى رسول الله غير بنيى الانس والجن " وقال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره لما تجلى الله وجد جميع الارواح فوجد اولا روح نبينا صلى الله عليه وسلم ثم سائر الارواح فلقن التوحيد فقال لا اله الا الله فكرمه الله بقوله محمد رسول الله فأعطى الرسالة فى ذلك الوقت ولذا قال عليه السلام

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8