الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ وَكَانُوۤاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }

{ اذ جعل الذين كفروا } منصوب باذكر على المفعولية اى اذكر وقت جعل الكافرين يعنى اهل مكة { فى قلوبهم الحمية } اى الانفة والتكبر فعيلة من حمى من كذا حمية اذا انف منه وفى المفردات عبر عن القوة الغضبية اذا ثارت وكثرت بالحمية يقال حميت على فلان اى غضبت عليه انتهى وذلك لان فى الغضب ثوران دم القلب وحرارته وغليانه والجار والمجرور اما متعلق بالجعل على انه بمعنى الالقاء او بمحذوف وهو مفعول ثان على انه بمعنى التصيير اى جعلوها ثابتة راسخة فى قلوبهم { حمية الجاهلية } بدل من الحمية اى حمية الملة الجاهلية وهى ما كانت قبل البعثة او الحمية الناشئة من الجاهلية التى تمنع اذعان الحق قال الزهرى حميتهم انفتهم من الاقرار للنبى بالرسالة والاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم او منعهم من دخول مكة وقال مقاتل قال اهل مكة قد قتلو ابناءنا واخواننا ثم يدخلون علينا فتتحدث العرب انهم دخلوا علينا على رغم انفنا واللات والعزى لا يدخلون علينا فهذه حمية الجاهلية التى دخلت فى قلوبهم { فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } عطف على جعل والمراد تذكير حسن صنيع الرسول والمؤمنين بتوفيق الله تعالى وسوء صنيع الكفرة اى فأنزل الله عليهم الثبات والوقار فلم يلحق بهم ما لحق الكفار فصالحوهم ورضوا أن يكتب الكتاب على ما ارادوا يروى انه لما ابى سهيل ومن معه أن يكتب فى عنوان كتاب الصلح البسملة وهذا ما صالح عليه رسول اهل مكة بل قالوا اكتب باسمك اللهم وهذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله اهل مكة قال عليه السلام لعلى رضى الله عنه اكتب ما يريدون فهم المؤمنون أن يأبوا ذلك ويبطشوا بهم فأنزل الله السكينة عليهم فتوقروا وحلموا مع ان اصل الصلح لم يكن عندهم بمحل من القبول فى اول الامر على ما سبق فى اول السورة مفصلا { وألزمهم كلمة التقوى } اى كلمة الشهادة حتى قالوها وهذا الزام الكرم واللطف لا الزام الاكراه والعنف واضيفت الى التقوى لانها سببها اذ بها يتوقى من الشرك ومن النار فان اصل التقوى الاتقاء عنها وقد وصف الله هذه الأمة بالمتقين فى مواضع من القرآن العظيم باعتبار هذه الكلمة وبسم الله الرحمن الرحيم ومحمد رسول الله من شعار هذه الامة وخواصها اختارها لهم وصار المشركون محرومين منها حيث لم يرضوا بان يكتب فى كتاب الصلح ذلك وعن الحسن كلمة التقوى هى الوفاء بالعهد فان المؤمنين وفواحيث نقضوا العهد وعاونوا من حارب حليف المؤمنين والمعنى على هذا وألزمهم كلمة اهل التقوى وهى العهد الواقع فى ضمن الصلح ومعنى الزامها اياهم تثبيتهم عليها وعلى الوفاء بها قال اهل العربية الكلمة قد تستعمل فى اللفظة الواحدة ويراد بها الكلام الكثير الذى ارتبط بعضه ببعض فصار ككلمة واحدة كتسميتهم القصيدة بأسرها كلمة ومنه يقال كلمة الشهادة قال الرضى وقد تطلق الكلمة مجازا على القصيدة والجملة يقال كلمة شاعر وقال تعالى

السابقالتالي
2 3 4