الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً }

{ وهو الذى كف ايديهم } اى ايدى كفار مكة { عنكم } اى بان حملهم على الفرار منكم مع كثرة عددهم وكونهم فى بلادهم بصدد الذنب عن اهليهم واولادهم { وايديكم عنهم } بان حملكم على الرجوع عنهم وتركهم { ببطن مكة } اى فى داخلها { من بعد ان اظفركم } اى جعلكم ظافرين غالبين { عليهم } وبالفارسية بس ازانكه ظفر دار شمار او غالب ساخت. مع ان العادة المستمرة فيمن ظفر بعدوه ان لا يتركه بل يستأصله والظفر الفوز واصله من ظفر اى نشب ظفره وذلك ان عكرمة بن ابى جهل خرج فى خمسمائة الى الحديبية فبعث رسول الله عليه السلام خالد بن الوليد على جند وسماه يومئذ سيف الله فهزمهم حتى ادخلهم حيطان مكة ثم عاد ذكره الطبرانى وابن ابى حاتم فى تفسيريهما قال سعدى المفتى لم يصح هذا والمذكور فى كتب السير وغيرها من الصحاح ان خالد بن الوليد كان يوم الحديبية طليعة للمشركين ارسلوه فى مائتى فارس فدنا فى خيله حتى نظر الى اصحاب رسول الله فأمر رسول الله عباد بن بشر رضى الله عنه فتقدم فى خيله فقام بازآئه وصف اصحابه وحانت العصر فصلى رسول الله باصحابه صلاة الخوف فكيف يصح ما ذكره وقد صح ان اسلام خالد بن الوليد كان بعد الحديبية فى السنة الثامنة أو قبلها انتهى وكذا قال فى انسان العيون خالد بن الوليد اسلم بعد وقعة الحديبية وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الله تعالى اظهر المسلمين عليهم بالحجارة حتى ادخلوهم البيوت يعنى ان جماعة من اهل مكة خرجوا يوم الحديبية يرمون المسلمين فرماهم المسلمون بالحجارة حتى ادخلوهم بيوت مكة فلما كان الكف على الوجه المذكور فى غاية البعد قال تعالى { وهو الذى } الخ على طريق الحصر استشهادا به على ما تقدم من قولهولو قاتلكم } الخ او هم ثمانون رجلا طلعوا على رسول الله من قبل التنعيم عند صلاة الصبح ليأخذوه بغتة ويقتلوا الاصحاب فأخذهم رسول الله فخلى سبيلهم فيكون المراد ببطن مكة وادى الحديبية لان بعضها من الحرم وفى المفردات اصل البطن الجارحة ويقال للجهة السفلى بطن وللجهة العليا ظهر وبه بطن الامر وبطن وفخذ وكاهل انتهى. يقول الفقير لا شك ان وادى الحديبية واقع فى الجهة السفلى من مكة لانه فى جانب جدة المحروسة فيكون المراد بالبطن تلك الجهة لا داخل مكة والمعنى والله تعالى اعلم ان الله هو الذى كف ايديهم عنكم وايديكم عنهم من الحديبية التى هى الجهة السفلى من مكة من بعد ان اقدركم عليهم بحيث لو قاتلتموهم غلبتهم عليهم بأذنه تعالى على ما كان فى علمه كما قال

السابقالتالي
2 3 4 5 6