الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً }

{ وأخرى } عطف على هذه اى فعجل لكم هذه المغانم ومغانم اخرى { لم تقدروا عليها } وهى مغانم هوازن فى غزوة حنين فانهم لم يقدروا عليها الى عام الحديبية وانما قدروا عليها عقيب فتح مكة ووصفها بعدم القدرة عليها لما كان فيها من الجولة اى من تكرار الهزيمة والرجوع الى القتال قبل ذلك لزيادة ترغيبهم فيها يقال جال القوم جولة انكشفوا ثم كروا { قد أحاط الله بها } صفة اخرى لاخرى مفيدة لسهولة تأتيها بالنسبة الى قدرته تعالى بعد بيان صعوبة مثالها بالنظر الى قدرتهم اى قد قدر الله عليها واستولى واظهركم عليها وقيل حفظها عليكم لفتحكم ومنعها من غيركم يعنى جميع فتوح المسلمين قال ابن عباس رضى الله عنهما ومنه فتح قسطنطينية ورومية وعمورية ومدآئن فارس والروم والشام اما قسطنطينية فمشهورة وهى الآن دار السلطنة للسلاطين العثمانية واما رومية ويقال لها رومية الكبرى فمدينة عظيمة من مدن الروم مثل قسطنطينية واما عمورية بفتح العين المهملة وضم الميم المشددة وبالرآء فقد قال الامام اليافعى فى المرء آة هى التى يسميها اهل الروم انكورية هى مدنية كبيرة كانت مقر ملوكهم فتحها المعتصم بالله قال الراغب الاحاطة على وجهين احدهما فى الاجسام نحو احطت بمكان كذا وتستعمل فى الحفظ نحو كان الله بكل شئ محيطا اى حافظا له فى جميع جهاته وتستعمل فى المنع نحو الا ان يحاط بكم اى الا ان تمنعوا والثانى فى العلم نحو احاط بكل شئ علما فالاحاطة بالشئ علما هو ان يعلم وجوده وجنسه وقدره وكيفيته وغرضه المقصود به وبايجاده وما يكون به ومنه وذلك ليس يكون الا لله وقال بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه فنفى عنهم ذلك { وكان الله على كل شيء قديرا } لان قدرته تعالى ذاتية لا تختص بشئ دون شئ اى منتهية عنده غير متجاوزة عنه لان علتها لا تنتهى فتأمل، اعلم ان المغازى غزوة حنين وهو اسم موضع قريب من الطائف ويقال لها لغزوة حنين غزوة هوازن ويقال لها غزوة اوطاس باسم الموضع الذى كانت به الواقعة فى آخر الامر سببها انه لما فتح الله على رسوله مكة اطاعت له قبائل العرب الا هوازن وثقيفا فان اهلهما كانوا طغاة مردة فاجتمعوا الى حنين فلما وصل خبرهم الى رسول الله عليه السلام تبسم وقال " تلك غنيمة المسلمين غدا ان شاء الله تعالى " فأجمع على السير الى هوازن وخرج فى اثنى عشر الفا فلما قربوا من محل العدو صفهم واعطى لواء المهاجرين عليا رضى الله عنه ولوآء الخزرج الحباب بن المنذر رضى الله عنه ولوآء الاوس اسيد بن حضير رضى الله عنه وركب عليه السلام بغلته الشهباء التى يقال لها فضة قد اهداها له صاحب البلقاء وقيل هى دلدل التى اهداها له المقوقس ولبس درعين والمغفر والدرعان هما ذات الفضول والسغدية بالسين المهملة والغين المعجمة وهى درع داود عليه السلام التى لبسها حين قتل جالوت فلما كان بحنين وذلك عند غبش الصبح اى ظلمته وانحدروا فى الوادى خرج عليهم القوم وكانوا كمنوا لهم فى شعاب الوادى ومضايقه فحملوا عليهم حملة رجل واحد ورموهم بالنبل وكانوا رماة لا يسقط لهم سهم فأخذ المسلمون راجعين منهزمين لا يلوى احد على احد وانحاز رسول الله ذات اليمين ومعه نفر قليل منهم ابو بكر وعمر وعلى والعباس وابنه الفضل فقال عليه السلام

السابقالتالي
2