الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }

{ سيقول المخلفون } المذكورون { اذا انطلقتم الى مغانم لتأخذوها } ظرف لما قبله لا شرط لما بعده وانطلقتم اى ذهبتم يقال انطلق فلان اذا مر متخلفا واصل الطلاق التخلية من وثاق كما يقال حبس طلقا ويضم اى بلا قيد ولا وثاق والمغانم جمع مغنم بمعنى الغنيمة اى الفيء اى سيقولون عند انطلاقكم الى مغانم خيبر لتحوزوها حسبما وعدكم اياها وخصكم بها عوضا عما فاتكم من غنائم مكة اذ انصرفوا منها على صلح ولم يصيبوا منها شيأ فالسين يدل على القرب وخيبرا قرب مغانم انطلقوا اليها فهى هى فان قيل كيف يصح هذا الكلام وقد ثبت انه عليه السلام أعطى من قدم مع جعفر رضى الله عنه من مهاجرى الحبشة وكذا الدوسيين والاشعريين ولم يكونوا ممن حضر الحديبية قلنا كان ذلك باستنزال اهل الحديبية عن شئ من حقهم ولولا ان بعض خيبر كانت صلحا لما قال موسى بن عقبة ومن تبعه ما قالوا وكان ما أعطاهم من ذلك كما فى حواشى سعدى المفتى { ذرونا } بكذاريد مارا. امر من يذر ا لشئ اى يتركه ويقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه { نتبعكم } الى خيبر ونشهد معكم قتال اهلها { يريدون ان يبدلوا كلام الله } بأن يشاركوا فى المغانم التى خصها بأهل الحديبية فانه عليه السلام رجع من الحديبية فى ذى الحجة من سنة ست واقام بالمدينة بقيتها واوآئل المحرم من سنة سبع ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم اموالا كثيرة فخصها بهم حسبما امره الله تعالى فالمراد بكلام الله ما ذكر من وعده تعالى غنائم خيبر لاهل الحديبية خاصة لا قوله تعالىلن تخرجوا معى ابدا } فان ذلك فى غزوة تبوك { قل } اقنا طالهم { لن تتبعونا } اى لا تتبعونا فانه نفى فى معنى النهى للمبالغة وقال سعدى المفتى لن ليس للتأييد سيما اذا اريد النهى والمراد لن تتبعونا فى خيبر أو ديمومتهم على مرض القلوب وقال ابو الليث لن تتبعونا فى المسير الى خيبر الا متطوعين من غير ان يكون لكم شركة فى الغنيمة { كذلكم قال الله } همجنين كفته است خداى تعالى { من قبل } اى عند الانصراف من الحديبية { فسيقولون } للمؤمنين عند سماع هذا النهى { بل تحسدوننا } اى ليس ذلك النهى حكم الله بل تحسدوننا أن نشارككم فى الغنائم الحسد تمنى زوال النعمة عمن يستحق لها وربما يكون من ذلك سعى فى ازالتها وروى المؤمن يغبط والمنافق يحسد وقال بعض الكبار لا يكون الحسد على المرتبة الا بين الجنس الواحد لا بين الجنسين ولذلك كان اول ابتلاء ابتلى الله به عباده بعثة الرسل اليهم منهم لا من غيرهم لتقوم الحجة على من جحد قال تعالى

السابقالتالي
2