الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً }

{ إنا فتحنا } فتح البلد عبارة عن الظفر به عنوة او صلحا بحرب او بدونه فانه ما لم يظفر منغلق مأخوذ من فتح باب الدار قال فى عين المعانى الفتح هو الفرج المزيل للهم لان المطلوب كالمنغلق فاذا نيل انفتح وفى المفردات الفتح ازالة الاغلاق والاشكال وذلك ضربان احدهما يدرك بالبصر نحو فتح الباب والغلق والغفل والمتاع نحو قوله ولما فتحوا متاعهم والثانى ما يدرك بالبصيرة كفتح الهم وهو ازالة الغم وذلك ضربان احدهما فى الامور الدنيوية كغم يفرج وفقر يزال باعطاء المال ونحوه والثانى فتح المستغلق من العلوم نحو قولك فلان فتح من العلم بابا مغلقا انتهى واسناده الى نون العظمة لاستناد افعال العباد اليه تعالى خلقا وايجادا والمراد فتح مكة وهو المروى عن انس رضى الله عنه بشربه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انصرافه من الحديبية والتعبير عنه بصيغة الماضى على سنن سائر الاخبار الربانية للايذان تحققه لا محاله تأكيدا للتبشير كما ان تصدير الكلام بحرف التحقيق كذلك وفيه من الفخامة المنبثة عن عظمة شأن المخبر جل جلاله وعز سلطانه ما لا يخفى وحذف المفعول للقصد الى نفس الفعل والايذان بان مناط التبشير نفس الفتح الصادر عنه سبحانه لا خصوصية المفتوح قال الامام الراغب انا فتحنا لك يقال عنى فتح مكة ويقال بل عنى ما فتح على النبى عليه السلام من العلوم والهدايات التى هى ذريعة الى الثواب والمقام المحمود التى صارت سببا لغفران ذنوبه انتهى وسيجيء غير هذا { فتحا مبينا } اى بينا ظاهر الامر مكشوف الحال او فارقا بين الحق والباطل وقال بعضهم المراد بالفتح المبين هو الصلح مع قريش فى غزوة الحديبية وهى كدوهية وقد تشدد بئر قرب مكة حرسها الله تعالى او شجرة حدباء كانت هنالك كما فى القاموس سمى المكان باسمها و سببها انه صلى الله تعالى عليه وسلم رأى فى المنام انه دخل البيت واخذ مفتاحه وطاف هو واصحابه واعتمر واخبر بذلك اصحابه ففرحوا ثم اخبر اصحابه انه يريد الخروج للعمرة فتجهزوا للسفر وخرج عليه السلام بعد ان اغتسل ببيته ولبس ثوبين وركب راحلته القصوى من عند بابه ومعه ألف وأربعمائة من المسلمين على الصحيح وابطأ عليه كثير من اهل البوادى خشية قريش وساق عليه السلام معه الهدى سبعين بدنة وكان خروجه يوم الاثنين غرة ذى القعدة من السنة السادسة من الهجرة فلما وصل الى ذى الحليفة وهو ميقات المدنيين صلى بالمسجد الذى ركعتين واحرم بالعمرة واحرم معه غالب اصحابه ومنهم من لم يحرم الا من الجحفة وهو ميقات اهل الشام وانما خرج معتمرا ليأ من اهل مكة ومن حولها من حربه وليعلموا انه عليه السلام انما خرج زآئر للبيت

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7