الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ }

{ فاعلم انه } اى الشان الاعظم { لا اله الا الله } اى انتفى انتفاء عظيما ان يكون معبودا بحق غير الملك الاعظم اى اذاعلمت ان مدار السعادة هو التوحيد والطاعة ومناط الشقاوة هو الاشراك والعصيان فأثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية والعمل بموجبه كقوله تعالىاهدنا الصراط المستقيم } اى ثبتنا على الصراط المستقيم وقدم العلم على العمل تنبيها على فضله واستبداده بالمرية عليه لا سيما العلم بوحدانية الله تعالى فانه اول ما يجب على كل احد والعلم ارفع من المعرفة. ولذا قال فاعلم دون فاعرف لان الانسان قد يعرف الشئ ولا يحيط به علما فاذا علمه واحاط به علما فقد عرفه والعلم بالالوهية من قبيل العلم بالصفات لان الالوهية صفة من الصفات فلا يلزم ان يحيط بكنهه تعالى احد فانه محال اذ لا يعرف الله الا الله قال بعض الكبار لما كان ما تنتهى اليه معرفة كل عارف مرتبة الالوهية ومرتبة احديتها المعبر عنها بتعين الاول لا كنه ذاته وغيب هويته ولا احاطة صفاته امر فى كتابه العزيز نبيه لذلك هو اكمل الخلق قدر او منزلة وقابلية فقال فاعلم انه لا اله الا الله تنبيها له ولمن يتبعه من امته على قدر ما يمكن معرفته من جناب قدسه ويمكن الظفر به وهو مرتبة الالوهية وما ورآءها من حضرة الغيب المطلق وغيب الهوية خارج عن طوق الكون اذ ليس ورآءها اسم ولا رسم ولا نعت ولا وصف ولا حكم وليس فى قوة الكون المقيد أن يعطى غير ما يقتضيه تقييده فكيف يمكن له ان يدرك حضرة الغيب المطلق وغيب الهوية ولما كان حصول التوحيد الذى هو كمال النفس موجبا للاجابة قال تعالى معلما انه يجب على الانسان بعد تكميل نفسه السعى فى تكميل غيره ليحصل التعاون على ما خلق العباد له من العبادة { واستغفر } اى اطلب الغفران من الله { لذنبك } وهو كل مقام عال ارتفع عليه السلام عنه الى اعلى وما صدر عنه عليه السلام من ترك الاولى وعبر عنه بالذنب نظرا الى منصبه الجليل كيف لا وحسنات الابرار سيئات المقربين وارشادا له عليه السلام الى التواضع وهضم النفس واستقصاء العمل { وللمؤمنين والمؤمنات } اى لذنوب امتك بالدعاء لهم وترغيبهم فيما يستدعى غفرانهم لانهم احق الناس بذلك منك لان ما عملوا من خير كان لك مثل اجره اذ لمكمل الغير مثل اجر ذلك الغير وفى اعادة صلة الاستغفار على اختلاف متعلقيه جنسا وفى حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه اشعار بعراقتهم فى الذنب وفرط افتقارهم الى الاستغفار وهو سؤال المغفرة وطلب الستر اما من اصابة الذنب فيكون حاصله العصمة والحفظ واما من اصابة عقوبة الذنب فيكون حاصله العفو والمحو.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7