الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ }

{ واذ صرفنا اليك نفرا من الجن } املناهم اليك واقبلنا بهم نحوك والنفر دون العشرة وجمعه انفار قال الراغب النفر عدة رجال يمكنهم النفر اى الى الحرب ونحوها والجن بعض الروحانيين وذلك ان الروحانين ثلاثة اخيار وهم الملائكة واشرار وهم الشياطين واوساط فيهم اخيار واشرار وهم الجن قال سعيد بن المسيب الملائكة ليسوا بذكور ولا اناث ولا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون والشياطين ذكور واناث يتوالدون ولا يموتون بل يخلدون فى الدنيا كما خلد ابليس والجن يتوالدون وفيهم ذكور واناث ويموتون. يقول الفقير يؤيده ما ثبت ان فى الجن مذاهب مختلفة كالانس حتى الرافضى ونحوه وان بينهم حروبا وقتالا ولكن يشكل قولهم ابليس هو ابو الجن فانه يقتضى ان لا يكون بينهم وبين الشياطين فرق الا بالايمان والكفر فاعرف { يستمعون القرءَان } حال مقدرة من نفرا لتخصيصه بالصفة او صفة اخرى له اى واذكر لقومك وقت صرفنا اليك نفرا كائنا من الجن مقدرا استماعهم القرءآن { فلما حضروه } اى القرءآن عند تلاوته { قالوا } اى قال بعضهم لبعض { انصتوا } الانصات هو الاستماع الى الصوت مع ترك الكلام اى اسكتوا لسمعه وفيه اشارة الى ان من شأنهم فضول الكلام واللغط كالانس ورمز الى الحرص المقبول قال بعض العارفين هيبة الخطاب وحشمة المشاهدة حبست السنتهم فانه ليس فى مقام الحضرة الا الخمول والذبول { فلما قضى } اتم وفرغ من تلاوته { ولوا الى قومهم منذرين } انصرفوا الى قومهم مقدرين انذارهم عند رجوعهم اليه يعنى آمنوا به واجابوا الى ما سمعوا ورجعوا الى قومهم منذرين ولا يلزم من رجوعهم بهذه الصفة ان يكونوا رسل رسول الله عليه السلام اذ يجوز ان يكون الرجل نذيرا ولا يكون نبيا او رسولا من جانب احد فالنذارة فى الجن من غير نبوة وقد سبق بقية الكلام فى سورة الانعام عند قوله تعالىيا معشر الجن والانس } الآية روى ان الجن كانت تسترق السمع فلما حرست السماء ورجموا بالشهب قالوا ما هذا الا لنباء حدث فنهض سبعة نفر او ستة نفر من اشراف جن نصيبين ورؤسائهم ونصيبين بلد قاعدة ديار ربيعة كما فى القاموس وقال فى انسان العيون هى مدينة بالشام وقيل باليمن اثنى عليها رسول الله عليه السلام بقوله " رفعت الى نصيبين حتى رأيتها فدعوت الله ان يعذب نهرها وينضر شجرها ويكثر مطرها " وقيل كانوا من ملوك جن نينوى بالموصل واسماؤهم على ما فى عين المعانى شاصر ناصر دس مس از دادنان احقم وكفته اندنه عدد بود وهشتم عمرو ونهم سرق وزوبعة بفتح الزاى المعجمة والباء الموحدة از ايشان بوده واوبسر ابليس است وقال فى القاموس الزوبعة اسم شيطان او رئيس الجن فتكون الاسماء عشرة لكن الاحقم بالميم او الاحقب بالباء وصف لواحد منهم لا علم وقال ابن عباس رضى الله عنهما تسعة سليط شاصر ماصر حاصر حسا مسا عليم ارقم ادرس فضربوا فى الارض حتى بلغوا تهامة وهى بالكسر مكة شرفها الله تعالى وارض معروفة لا بلد كما فى القاموس ثم اندفعوا الى وادى نخلة عند سوق عكاظ ونخلة محلة بين مكة والطائف ونخلة الشامية واليمانية واديان على ليلة من مكة وعكاظ كغراب سوق بصحرآء بين نخلة والطائف كانت تقوم هلال ذى القعدة وتستمر عشرين يوما تجتمع قبائل العرب فيتعاكظون اى يتفاخرون ويتناشدون ومنه الاديم العكاظى فوافوا اى نفر الجن رسول الله صلى الله عليه وسلم اى صادفوه ووجدوه وهو قائم فى جوف الليل يصلى اى فى وسطه وكان وحده او معه مولاه زيد بن حارثة رضى الله عنه وفى رواية يصلى صلاة الفجر اذ كان اذ ذاك مأمورا بركعتين بالغداة وبركعتين بالعشى فهى غير صلاة الفجر التى هى احدى الخمس المفترضة ليلة الاسرآء اذ الحيلولة بين الجن وبين خبر السماء بالشهب كانت فى اوآئل الوحى وليلة الاسرآء كانت بعد ذلك بسنين عديدة فاستمعوا القراءته عليه السلام وكان يقرا طه وذلك عند منصرفه من الطائف حين خرج اليهم يستنصرهم على الاسلام والقيام على من خالفه من قومه فلم يجيبوه الى مطلوبه واغروا به سفهاءهم فآذوه عليه السلام اذى شديدا ودقوا رجليه بالحجارة حتى ادموها كما سبق نبذة منه فى آخر التوبة وكان اقام بالطائف يدعوهم عشرة ايام وشهرا واقام بنخلة اياما فلما اراد الدخول الى مكة

السابقالتالي
2 3