الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ }

{ تدمر } اى تهلك { كل شئ } مرت به من نفوسهم واموالهم فالاستغراق عرفى والمراد المشركون منهم { بامر ربها } اذ لا حركة ولا سكون الا بمشيئته تعالى واضاف الرب الى الريح مع انه تعالى رب كل شئ لتعظيم شأن المضاف اليه وللاشارة الى انها فى حركتها مأمورة وانها من اكابر جنود الله يعنى ليس ذلك من باب تأثيرات الكواكب والقرانات بل هو امر حدت ابتدآء بقدرة لله تعالى لاجل التعذيب { فاصبحوا } اى صاروا من العذاب بحال { لا يرى الا مساكنهم } الفاء فصيحة اى فجأتهم الريح فدمرتهم فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم يعنى بس كشتند بحالىكه اكر كسى بديار ايشان رسيدى ديده نشدى مكر جايكاههاى ايشان يعنى همه هلاك شدند وجايكا ايشان خالى بماند { كذلك } الكاف منصوبة على معنى مثل ذلك الجزآء الفظيع يعنى الهلاك بعذاب الاستئصال { نجزى القوم المجرمين } قيل اوحى الله تعالى الى خزان الريح ان ارسلوا مقدار منخر البقر فقالوا يا رب اذا ننسف الارض ومن عليها فقال تعالى مثل حلقة الخاتم ففعلوا فجاءت ريح باردة من قبل المغرب واول ما عرفوا به انه عذاب ان رأوا ما كان فى الصحرآء من رحالهم ومواشيهم تطير بها الريح بين السماء والارض وترفع الظعينة فى الجو حتى ترى كأنها جرادة فتدمغها بالحجارة فدخلوا بيوتهم واغلقوا ابوابهم فقلعت الريح الابواب وسرعتهم فأمال الله الاحقاف عليهم فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية ايام لهم انين ثم كشفت الريح عنهم الاحقاف فاحتملتهم فطرحتهم فى البحر وقد قالوا من اشد منا قوة فلا تستطيع الريح ان تزيل اقدامنا فغلبت عليهم الريح بقوتها فما اغنت عنهم قوتهم وفى المثنوى جمله ذرات زمين وآسمان لشكر حقندكاه امتحان بادرا ديدى كه با عادان جه كرد آب را ديدى كه باطوفان جه كرد. روى ان هودا عليه السلام لما أحس بالريح خط على نفسه وعلى المؤمنين خطا الى جنب عين تثبع ماء لا يصيبهم من الريح الا ما يلين على الجلود وتلذ الانفس وعمر هود بعدهم مائة وخمسين وقد مر تفصيل القصة فى سورة الاعراف فارجع والآية وعيد لاهل مكة على اجرامهم بالتكذيب فان الله تعالى قادر على ان يرسل عليهم ريحا مثل ريح عاد أو نحوها فلا بد من الحذر وعن عائشة رضى الله عنها " كان النبى عليه السلام اذا رأى ريحا مختلفة تلون وجهه وتغير ودخل وخرج واقبل وادبر فذكرت ذلك له فقال " وما تدرون لعله كما قال الله تعالى فلما راوه عارضا " الخ فاذا امطرت سرى عنه ويقول وهو الذى يرسل شباح بشر بين يدى رحمته " وفى الآية اشارة الى انه يعرض فى سماء القلوب تارة عارض فيمطر مطر الرحمة يحيى الله به ارض البشرية فينبت منها الاخلاق الحسنة والاعمال الصالحة وتارة يعرض عارض ضده بسوء الاخلاق وفساد الاعمال فتكون اشخاصهم خالية عن الحير كالاخلاق والاداب والاعمال الصالحة وقلوبهم فارغة من الصدق والاخلاص والرضى والتسليم وهو جزآء القوم المعرضين عن الحق المقبلين على الباطل يقول الفقير وفيه اشارة ايضا الى قوم ممكورين مقهورين يحسبون انهم من اهل اللطف والكرم فيأمرون برفع القباب على قبورهم بعد موتهم او يفعل بهم ذلك من جهة الجهلة فصاروا بحيث لا يرى الا القبور والقباب وليس فيها احد من الاحباب بلى من اهل العذاب ونعم ما قالوا لا تهيئ لنفسك قبرا وهيئ نفسك للقبر نسأل الله سبحانه ان يوفقنا لما يحبه ويرضاه ويحفظنا مما يوجب اذاه ويخالف رضاه