الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ }

{ ويوم يعرض الذين كفروا على النار } اى يعذبون بها فالعرض محمول على التعذيب مجازا من قولهم عرض الاسارى على السيف اى قتلوا والا فالمعروض عليه يجب ان يكون من أهل الشعور والاطلاع والنار ليست منه وقيل تعرض النار عليهم بأن يوقفوا بحيث تبدو لهم النار ومواقعهم فيها وذلك قبل ان يلقوا فيها فيكون من باب القلب مبالغة بادعاء كون النار مميزا ذا قهر وغلبة يقول الفقير لا حاجة عندى الى هذين التأويلين فان نار الآخرة لها شعور وادراك بدليل انها تقل هل من مزيد وتقول للمؤمنين جزيا مؤمن فان نورك اطفأ نارى وامثال ذلك وايضا لا بعد فى ان يكون عرضهم على النار باعتبار ملائكة العذاب فانهم حاضرون عندها باسباب العذاب وأهل النار ينظرون اليهم والى ما يعذبونهم به عياناً والله اعلم { أذهبتم طيباتكم } اى يقال لهم ذلك على التوبيخ وهو الناصب للظرف اى اليوم والمعنى اصبتم واخذتم ما كتب لكم من حظوظ الدنيا ولذآئذها وبالفارسية ببرديد وبخورديد جيزهاى لذيذ خود را { فى حياتكم الدنيا } در زندكانئ آن جهان خويش { واستمتعتم بها } فلم يبق لكم بعد ذلك شئ منها لان اضافة الطيبات تفيد العموم وبالفارسية وبرخوردارى يافتيد بآن لذىئذ يعنى استيفاى لذات كرديد وهيج براى آخرت نكذاشتيد. قال سعدى المفتى قوله واستمتعتم بها كأنه عطف تفسيرى لاذهبتم { فاليوم تجزون عذاب الهون } اى الهوان والحقارة اى العذاب الذى فيه ذل وخزى { بما كنتم } فى الدنيا { تستكبرون فى الارض بغير الحق } بغير استحقاق لذلك وفيه اشارة الى ان الاستكبار اذا كان بحق كالاستكبار على الظلمة لا ينكر { وبما كنتم تفسقون } اى تخرجون من طاعة الله اى بسبب استكباركم وفسقكم المستمرين علل سبحانه ذلك العذاب بأمرين احدهما الاستكبار عن قبول الدين الحق والايمان بمحمد عليه السلام وهو ذنب القلب والثانى الفسق والمعصية بترك المأمورات وفعل المنهيات وهو ذنب الجوارح وقدم الاول على الثانى لان ذنب القلب أعظم تاثيرا من ذنب الجوارح قال الكاشفى تنبيه است مر طالبان تجات راكه قدم از اندازه شرع بيرون تنهند باى از حدود شرع برون مىنهى منه خود را اسير نفس وهواميكنى مكن. وفى الآية اشارة الى ان للنفس طيبات من الدنيا الفانية وللروح طيبات من الآخرة الباقية فمن اشتغل باستيفاء طيبات نفسه فى الدنيا يحرم فى الآخرة من استيفاء طيبات روحه لان فى طلب استيفاء طيبات النفس فى الدنيا ابطال استعداد الروح فى استيفاء طيبات فى الآخرة موعودة وفى ترك استيفاء طيبات النفس فى الدنيا كمالية استعداد الروح فى استيفاء طيبات فى الآخرة موعودة فلهذا يقال لارباب النفوس فاليوم تجزون عذاب الهون بأنكم استكبرتم فى قبول دعوة الانبياء فى ترك شهوات النفس واستيفاء طيباتها لئلا تضيع طيبات ارواحكم وبما كنتم تخرجون من اوامر الحق ونواهيه ويقال للروح وارباب القلوب كلوا واشربوا هينئا بما اسلفتم فى الايام الخالية وبما كانت نفوسهم تاركة لشهواتها بتبعية الروح يقال لهم ولكم فيها ما تشهيه الانفس اى من نعيم الجنة فانها من طيباتها وتلذ الاعين وهو مشاهدة الجمال والجلال وهى طيبات الروح كذا فى التأويلات النجمية والآية منادية بأن استيفاء الحظ من الدنيا ولذاتها صفة من صفات أهل النار فعلى كل مؤمن ذى عقل وتمييز أن يجتنب ذلك اقتدآء بسيد الانبياء واصحابه الصالحين حيث آثروا اجتناب اللذات فى الدنيا رجاء ثواب الآخرة قال الصائب افتد هماى دولت اكر دركمندما از همت بلندر رها ميكنيم ما.

السابقالتالي
2