الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ }

{ ام حسب الذين اجترحوا السيئات } ام منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من البيان الاول الى الثانى والهمزة لانكار الحسبان بطريق انكار الواقع واستقباحه والتوبيخ عليه لا بطريق انكار الوقوع ونفيه والاجتراح الاكتساب ومنه الجوارح للاعضاء الكاسبة قال فى المفردات سمى الصائد من الكلاب والفهود والطير جارحة وجمعها جوارح اما لانها تجرح واما لانها تكسب وسميت الاعضاء الكاسبة جوارح تشبيها بها لاحد هذين انتهى والمراد بالسيئات الكفر والمعاصى { ان نجعلهم } ان نصيرهم فى الحكم والاعتبار مع مالهم من مساوى الاحوال وهو مع ما عمل فيه ساد مسد مفعولى الحسبان { كالذين آمنوا وعملوا الصالحات } مع مالهم من محاسن الاعمال ونعاملهم معاملتهم فى الكرامة ورفع الدرجة والكاف مفعول ثان للجعل { سوآء محياهم ومماتهم } اى محيى الفريقين جميعا ومماتهم حال من الضمير فى الظرف والموصول معا لاشتماله على ضميريهما على ان السوآء بمعنى المستوى ومحياهم ومماتهم مرتفعان به على الفاعلية والمعنى ام حسبوا ان نجعلهم كائنين مثلهم حال كون الكل مستويا محياهم ومماتهم كلا لا يستوون فى شئ منهما فان هؤلاء فى عز الايمان والطاعة وشرفهما فى المحيى وفى رحمة الله ورضوانه فى الممات ولذا قال عليه السلام لما رأى اصحاب الصفة فى المسجد " المحيى محياكم والممات مماتكم " واولئك فى ذل الكفر والمعاصى وهوانهما فى المحيى وفى لعنة الله والعذاب الخالد فى الممات ع كل وخار وكل وكوهرنه برابر باشد. وكان كفار قريش يقولون نحن احسن حالا من المؤمنين فى الآخرة اى على تقدير وقوع الساعة كما قالوا نحن اكثر اموالا واولادا وما نحن بمعذبين اى فان العزيز فى الدنيا عزيز فى الآخرة وقد قيل المراد انكار ان يستووا فى الممات كما استووا فى الحياة لان المسيئين والمحسنين مستوٍ محياهم فى الرزق والصحة وانما يفترقون فى الممات { ساء ما يحكمون } اى ساء حكمهم هذا على ان ما مصدرية والفعل للاخبار عن قبح حكمهم او بئس شيئا حكموا به ذلك على ان ساء بمعنى بئس وما نكرة موصوفة بمعنى شئ والفعل لانشاء الذم وبالفارسية بدحكميست كه ايشان ميكندد ونتيجه شرك وتوحيدرا برابر ميدارند ع نيست يكسان لاى زهر آميز باآب حيات. وعن تميم الدارى رضى الله عنه انه كان يصلى ذات ليلة عند المقام فبلغ هذه الآية فجعل يبكى ويردد الى الصباح وعن الفضيل رحمه الله انه بلغها فجعل يرددها ويبكى ويقول يا فضيل ليت شعرى من اى الفريقين انت فلا يطمعن البطال فى ثواب العمال ولا الجباء فى مقام الابطال ولا الجاهل فى ثواب العالم ولا النائم فى ثواب القائم فعلى قدر اجتهاد المرء يزيد اجره وبقدر تقصيره ينحط قدره وفى بعض الكتب السابقة ان لله مناديا ينادى كل يوم ابناء الخمسين زرع دنا حصاده ابناء الستين هلموا الى الحساب ابناء السبعين ماذا قدمتم وماذا أخرتم ابناء الثمانين لا عذر لكم ليت الخلق لم يخلقوا وليتهم اذا خلقوا علموا لماذا خلقوا وتجالسوا بينهم فتذكروا ما عملوا الا أتتكم الساعة فخذوا حذركم وفى الخبر

السابقالتالي
2