الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ }

{ انا أنزلناه } اى الكتاب المبين الذى هو القرءآن وهو جواب القسم { فى ليلة مباركة } هى ليلة القدر فانه تعالى أنزل القرءآن فى ليلة القدر من شهر رمضان من اللوح المحفوظ الى بيت العزة فى السماء الدنيا دفعة واحدة واملاه جبريل على السفرة ثم كان ينزله على النبى عليه السلام نجوما اى متفرقا فى ثلاث وعشرين سنة والظاهر ان ابتداء تنزيله الى النبى عليه السلام ايضا كان فى ليلة القدر لان ليلة القدر فى الحقيقة ليلة افتتاح الوصلة ولا بد فى الوصلة من الكلام والحطاب والحكمة فى نزوله ليلا ان الليل زمان المناجاة ومهبط النفحات ومشهد التنزلات ومظهر التجليات ومورد الكرامات ومحل الاسرار الى حضرة الكبرياء وفى الليل فراغ القلوب بذكر حضرة المحبوب فهو أطيب من النهار عند المقربين والابرار ووصف الليلة بالبركة لما ان نزول القرءآن مستتبع للمنافع الدينية والدنيوية بأجمعها او لما فيها من تنزل الملائكة والرحمة واجابة الدعوة ونحوها والا فاجزاء الزمان متشابهة بحسب ذواتها وصفاتها فيمتنع ان يتميز بعض اجزائه عن بعض بمزيد القدر والشرف لنفس ذواتها وعلى هذا فقس شرف الامكنة فانه لعارض فى ذاتها قال حضرة الشيخ صدر الدين قدس سره فى شرح الاربعين حديثا وللازمنة والامكنة فى محو السيئات وتغليب طرف الحسنات وامدادها والتكفير والتضعيف مدخل عظيم وفى الحديث ان الله غفر لاهل عرفات وضمن عنهم التبعات وانه ينزل يوم عرفة الى السماء الدنيا وقد وردت أحاديث دالة على فضيلة شهر رمضان وعشر ذى الحجة وليلة النصف من شعبان وان الصلاة فى المسجد الحرام بمائة ألف وفى مسجد النبى عليه السلام بألف وفى المسجد الأقصى بخمسائة وكلها دالة على شرف الازمنة والامكنة انتهى كلامه قال الشيخ المغربى قدس سره أفضل الشهور عندنا شهر رمضان اى لانه انزل فيه القرءآن ثم شهر ربيع الاول اى لانه مولد حبيب الرحمن ثم رجب اى لانه فرد الاشهر الحرم وشهر الله ثم شعبان اى لانه شهر حبيب الرحمن ومقسم الاعمال والآجال بين شهرين عظيمين رجب ورمضان ففيه فضل الجوارين العظيمين كما ان ليوم الخميس وليوم السبت فضلا عظيما لكونها فى جوار الجمعة ولذا ورد بارك الله فى السبت والخميس ثم ذو الحجة اى لانه موطن الحج والعشر التى تعادل كل ليلة منها ليلة القدر والايام المعلومات ايام التشريق ثم شوال اى لكونه فى جوار شهر رمضان ثم ذو القعدة اى لكونه من الاشهر الحرم ثم المحرم شهر الانبياء عليهم السلام ورأس السنة وأحد الاشهر الحرم وقيل فضل الله الاشهر والايام والاوقات بعضها على بعض كما فضل الرسل والامم بعضها على بعض لتبادر النفوس وتسارع القلوب الى احترامها وتتشوق الارواح الى احيائها بالتعبد فيها ويرغب الخلق فى فضائلها واما تضاعف الحسنات فى بعضها فمن المواهب اللدنية والاختصاصات الربانية ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء قال القاشانى فى شرح التائية كما ان شرف الازمنة وفضليتها بحسب شرف الاحوال الواقعة فيها من حضور المحبوب ومشاهدته فكذلك شرف الاعمال يكون بحسب شرف النيات والمقاصد الباعثة وشرف النية فى العمل ان يؤدى للمحبوب ويكون خالصا لوجهه غير مشوب بغرض آخر قال ابن الفارض

السابقالتالي
2 3 4