الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ }

{ فذرهم } اى اترك الكفرة حيث لم يذعنوا للحق بعد ما سمعوا هذا البرهان الجلى { يخوضوا } يشرعوا فى اباطيلهم واكاذيبهم والخوض هو الشروع فى الماء والمرور فيه ويستعار للامور واكثر ما ورد فى القرءآن ورد فيما يذم الشروع فيه كما فى المفردات { ويلعبوا } فى دنياهم فان ما هم فيه من الاقوال والافعال ليست الا من باب الجهل واللعب والجزم فى الفعل لجواب الامر يقال لعب فلان اذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا قالوا كل لعب لا لذة فيه فهو عبث وما كان فيه لذة فهو لعب { حتى يلاقوا } يعاينوا { يومهم الذى يوعدون } على لسانك يعنى روزى راكه وعده داده شده اند بملاقات آن. وهو يوم القيامة فانهم يومئذ يعلمون ما فعلوا وما يفعل بهم قال سعدى المفتى والاظهر يوم الموت فان خوضهم ولعبهم انما ينتهى به. يقول الفقير وفيه ان الموعود هو يوم القيامة لانه الذى كانوا ينكرونه لا يوم الموت الذى لا يشكون فيه ولما كان يوم الموت متصلا بيوم القيامة على ما اشار اليه قوله عليه السلام " من مات فقد قامت قيامته " جعل الخوض واللعب منتهيين بيوم القيامه وفى الآية اعلام بأنهم من الذين طبع الله على قلوبهم فلا يرجعون عما هم عليه ابدا واشارة الى ان الله خلق الخلق اطوارا مختلفة فمنهم من خلقه للجنة فيستعده للجنة بالايمان والعمل الصالح وانقياد الشريعة ومتابعة النبى عليه السلام ومنهم من خلقه للنار فيستعده للنار برد الدعوة والانكار والجحود والخذلان ويكله الى الطبيعة النفسانية الحيوانية التى تميل الى اللهو واللعب والخوض فيما لا يعنيه ومنهم من خلقه للقربة والمعرفة فيستعده لهما بالمحبة والصدق والتوكل واليقين والمشاهدات والمكاشفات والمراقبات وبذل الوجود بترك الشهوات وانواع المجاهدات وتسليم تصرفات ارباب المؤلفات عن بهلول رحمه الله قال بينما انا ذات يوم فى بعض شوارع البصرة اذا الصبيان يلعبون بالجوز واللوز واذا انا بصبى ينظر اليهم ويبكى فقلت هذا الصبى يتحسر على ما فى ايدى الصبيان ولا شىء معه يلعب به فقلت له اى بنى ما يبكيك اشترى لك من الجوز واللوز ما تلعب به مع الصبيان فرفع بصره الى وقال يا قليل العقل ما للعب خلقنا فقلت اى بنى فلماذا خلقنا فقال للعلم والعبادة فقلت من اين لك ذلك بارك الله فيك قال من قول الله تعالىافحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون } وحكى انه كان سبب خروج ابراهيم بن ادهم رحمه الله عن اهله وماله وجاهه ورياسته وكان من ابناء الملوك انه خرج يوما يصطاد فأثار ثعلبا او ارنبا فبينما هو فى طلبه هتف به هاتف ألهذا خلقت ام بهذا امرت ثم هتف به من قربوس سرجه والله ما لهذا خلقت ولا بهذا امرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فأخذ جبة للراعى من صوف فلبسها واعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان. واعلم ان الاشتغال بما سوى الله تعالى من قبيل اللهو واللعب اذ ليس فيه مقصد صحيح وانما المطلب الاعلى هو الله تعالى ولذا خرج السلف عن الكل ووصلوا الى مبدأ الكل. دلاترك هواكن قرب حق كر آرزو دارى. كه دور افتد حباب از بحر در كسب هوا كردن جعلنا الله واياكم من المشتغلين به