الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ }

{ لكم فيها } اى فى الجنة سوى الطعام والشراب { فاكهة كثيرة } بحسب الانواع والاصناف لا بحسب الافراط فقط والفواكه من اشهى الاشياء للناس وألذها عندهم وأوفقها لطباعهم وابدانهم ولذلك افردها بالذكر { منها تأكلون } اى بعضها تأكلون فى نوبة لكثرتها واما الباقى فعلى الاشجار على الدوام لا ترى فيها شجرة خلت عن ثمرها لحظة فهى مزينة بالثمار ابدا موفرة بها وفى الحديث " لا ينزع رجل فى الجنة ثمرة من ثمرها الا نبت مثلاها مكانها " فمن تبعيضية والتقديم للتخصيص ويجوز ان تكون ابتدآئية وتقدم الجار للفاصلة او للتخصيص كالاول فيكون فيه دلالة على ان كل ما يأكلون للتفكه ليس فيها تفوت اذ لا تحلل حتى يحتاج الى الغذاء ولعل تفصيل التنعم بالمطاعم والمشارب والملابس وتكريره فى القرءآن وهو حقير بالاضافة الى سائر نعم الجنة لما كان بهم من الشدة والفاقة ففيه تحريك لدواعيهم وتشويق لهم والفاسق من اهل الصلاة آمن بالله وآياته واسلم فوجب ان يدخل تحت هذا الوعد والظاهر انه خارج فانه يخاف ويحزن يوم القيامة ولا محذور فى خروجه والحاصل ان الآية فى حق المؤمنين الكاملين فانهم الذين اسلموا وجوههم لله تعالى واما الناقصون فانهم وان آمنوا لكن اسلامهم لم يكن على الكمال والا لما خصوا الله بترك التقوى فقام الامتنان يأبى عن دخولهم تحت حكم الآية اللهم الا بطريق الالحاق فان لهم نعيما بعد انقضاء مدة خوفهم وحزنهم وانتهاء زمان حبسهم وعذابهم فعلى العاقل ان يجتهد فى الظواهر والبواطن فان من اكتفى بالمطاعم والمشارب الصورية حرم من طعام المشاهدات وشراب المكاشفات ومن لم يطعم فى هذه الدار من اثمار اشجار المعارف لم يلتذ فى تلك الدار بالاذواق الحقيقية التى هى نصيب الخواص من اهل التقوى قال الحافظ عشق مى ورزم واميدكه اين فن شريف. جون هنر هاى دكر موجب حرمان نشود. اللهم اجعلنا من المشتاقين الى جمالك والقابلين لوصالك بحرمة جلالك