الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ كَفُورٌ }

{ فان اعرضوا فما ارسلناك عليهم حفيظا } تلوين للكلام وصرف له عن خطاب الناس بعد امرهم بالاستجابة وتوجيه له الى الرسول عليه السلام اى فان لم يستجيبوا واعرضوا عما تدعوهم اليه فما ارسلناك رقيبا ومحاسبا عليهم وحافظا لاعمالهم وبالفارسية نكهبانى كه ازعمل بد ايشانرا نكاه دارى وفيه تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم { ان عليك الا البلاغ } اى ما يجب عليك الا تبليغ الرسالة وقد فعلت فلا يهمنك اعراضهم وفى التأويلات النجمية فان أعرضوا عن الله بالاقبال على الدارين ولم يجيبوا فما أرسلناك عليهم حفيظا تحفظهم من الالتفات الى الدارين لان الحفظ من شانى لا من شأنك فانى حفيظ فليس عليك الا تبليغ الرسالة ثم نحن نعلم بما نعاملهم بالتوفيق او بالخذلان. قال الغزالى رحمه الله فى شرح الاسماء الحفيظ من العباد من يحفظ جوارحه وقلبه ويحفظ دينه من سطوة الغضب وخلابة الشهوة وخداع النفس وغرور الشيطان فانه على شفا جرف هار وقد اكتنفته هذه المهلكات المفضية الى النار وقد عرف كلها من لسان الشارع صلى الله عليه وسلم فليسارع العبد الى دفع الموبقات وجلب المنجيات باصلاح النفس والتخلق بالاخلاق الالهية فان النفس طاغية مؤدية الى الافلاس والخسار وفى الحديث " اتدرون من المفلس " قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال عليه السلام " المفلس من امتى من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتى قد شتم هذا وقذف هذا واكل مال هذا او سفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقضى أخذ من خطاياهم وطرحت عليه ثم يطرح فى النار " فلا ينبغى للعاقل ان يبقى مع النفس فانه اذا نزل عليه العذاب غضبا للنفس لا يجد وليا يتولاه ولا نصيرا ينصره ولا ملجأ يفر اليه فهذه حال المعرضين واما حال المقبلين القابلين للبلاغ والارشاد فالله تعالى يحفظهم مما يخافونه يوم المعاد. خجل آنكس كه رفت وكار نساخت كوس رحلت زدند وبارنساخت { وانا اذا اذقنا الانسان منا } از نزديك خود { رحمة } اى نعمة من الصحة والغنى والأمن { فرح بها } بطر لاجلها وقال الكاشفى خوش شودبدان وشادى كند. اعلم ان نعمة الله وان كانت فى الدنيا عظيمة الا انها بالنسبة الى سعادات الآخرة كالقطرة بالنسبة الى البحر فلذلك سمى الانعام بها اذاقة وبالفارسية جشانيدن. فالانسان اذا حصل له هذا القدر الحقير فى الدنيا فرح به ووقع فى العجب والكبر وظن انه فاز بكل المنى ودخل فى قصر السعادات ولذا ضعف اعتقاده فى سعادات الآخرة والا لاختار الباقى على الفانى لان الفانى كالخزف مع انه قليل والباقى كالذهب مع انه كثير.

السابقالتالي
2