الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ }

{ وتراهم } تبصرهم ايها الرائى حال كونهم { يعرضون عليها } اى على النار المدلول عليها بالعذاب وقد سبق معنى العرض فى حم المؤمن عند قولهالنار يعرضون عليها } { خاشعين من الذل } من للتعليل متعلق بخاشعين اى حال كونهم خاضعين حقيرين بسبب ما لحقهم من الذل والهوان وقد يعلق من الذل بينظرون ويوقف على خاشعين { ينظرون من طرف خفى } الطرف مصدر فى الاصل ولهذا لم يجمع وهو تحريك الجفن وعبر به عن النظر اذ كان تحريك الجفن يلازم النظر كما فى المفردات والمعنى حال كونهم يبتدئ نظرهم الى النار من تحريك لاجفانهم ضعيف يعنى يسارقون النظر الى النار خوفا منها وذلة فى انفسهم كما ينظرون الى المقتول الى السيف فلا يقدر ان يملأ عينيه منه وهكذا نظر الناظر الى المكاره لا يقدر ان يفتح أجفانه عليها ويملأ عينيه منها كما يفعل فى نظره الى المحاب وقال الكلبى ينظرون بأبصار قلوبهم ولا ينظرون بأبصار ظواهرهم لانهم يسحبون على وجوههم او لانهم يحشرون عميا فينظرون كنظر الاعمى اذا خاف حسا. يقول الفقير لا حاجة الى حمل الآية على ما ذكر من الوجهين لان لهم يوم القيامة احوالا شتى بحسب المواطن فكل من النظر والسحب والحشر اعمى ثابت صحيح وفى الآية اشارة الى ان النفوس التى لم تقبل الصلاح بالعلاج فى الدنيا تتمنى الرجوع الى الدنيا يوم القيامة لتقبل الصلاح بعلاج الرياضات الشرعية والمجاهدات الطريقية وتخشع اذ لم تخشع فى الدنيا من القهار فلا تنفعها ندامة ولا تسمع منها دعوة ولها نظر من طرف خفى من خجالة المؤمنين اذ يعيرونها بما ذكروها فلم تسمع وهى نفوس الظالمين كما قال السعدى تراخود بماند سراز تنك بيش كه كردت برآيد عملهاى خويش برادرز كار بدان شرم دار كه درروى نيكان شوى سرمسار { وقال الذين آمنوا } وجاهدوا فى الله تعالى حق جهاده وربحوا على ربهم { ان الخاسرين } اى المتصفين بحقيقة الخسران وهو انتقاص رأس المال وينسب الى الانسان فيقال خسر فلان والى الفعل فيقال خسرت تجارته ويستعمل ذلك فى القنيات الخارجة كالمال والجاه فى الدنيا وهو الاكثر وفى القنيات النفسية كالصحة والسلامة والعقل والايمان والثواب وهو الذى جعله الله الخسران المبين وكل خسران ذكره الله فى القرءآن فهو على هذا المعنى الاخير دون الخسران المتعلق بالقنيات الدنيوية والتجارات البشرية وخبر ان قوله تعالى { الذين خسروا انفسهم وأهليهم } آنانندكه زيان كردند بنفسهاى خويش و كسان خود. بالتعريض للعذاب الخالد { يوم القيامة } اما ظرف لخسروا والقول فى الدنيا او لقال اى يقولون لهم حين يرونهم على تلك الحال وصيغة الماضى للدلالة على تحققه وقال الكاشفى زيان در نفسها آنست آنرا بعبادت بتان مستوجب آتش دوزخ كردانيدند وزمان زيان دراهالى اكردوزخى اندبانكه ايشانرا ازايمان بازداشتندوا كر بهشتى اندبانكه ازديد از ايشان محروم ماندند.

السابقالتالي
2