الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }

{ فما اوتيتم } بس آنجه داده شده آيد { من شىء } مما ترغبون ايها الناس وتتنافسون فيه من مال ومعاش واولاد { فمتاع الحياة الدنيا } اى فهو متاعها ومنفعتها تتمتعون وتنتفعون به مدة حياتكم القليلة فيزول ويفنى فما موصولة متضمنة لمعنى الشرط من حيث ان ايتاء ما أوتوا سبب للتمتع به فى الحياة الدنيا ولذا دخلت الفاء فى جوابها وقدر المبتدأ لان الجواب لا يكون الا جملة يعنى ان سببيته مقصود فيها الاعلام لتضمنها الترغيب فى الشكر بخلاف الثانية وهى قوله تعالى وما عند الله الخ فان المقصود فيها بيان حال ان ما عند الله سبب للخيرية والدوام وقد يقال ان ما شرطية على انها مفعول ثان لأوتيتم بمعنى اعطيتم والاول وهو ضمير المخاطبين قائم مقام الفاعل ومن شىء بيان لها لما فيها من الابهام { وما عند الله } من ثواب الآخرة اشير اليه آنفا { خير } ذاتا لخلوص نفعه وهو خبر ما { وابقى } زمان حيث لا يزول ولا يفنى بخلاف ما فى ايدى الناس وفيه اشارة الى ان الرحات فى الدنيا لا تصفو ومن الشوائب لا تخلو وان اتفق لبعضهم منها فى الاحايين فانها سريعة الزوال وشيكة الارتحال وما عند الله من الثواب الموعود خير وابقى من هذا القليل الموجود بل ما عند الله من الالطاف الخفية والمقامات العلية والمواهب السنية خير وابقى مما فى الدنيا والآخرة { للذين آمنوا } اخلصوا فى الايمان وهو متعلق بأبقى وفى الحواشى السعدية الظاهر ان اللام للبيان اى للبيان من له هذه النعمة وقد بينه ابو الليث فى تفسيره بقوله ثم بين لمن يكون ذلك الثواب فقال للذين آمنوا { وعلى ربهم يتوكلون } لا على غيره تعالى اى خصوا ربهم بالتوكل عليه فيما يعرض لهم من الامور لا يسندون امرا الا اليه ولا يعتمدون الا عليه وعن على رضى الله عنه انه تصدق ابو بكر رضى الله عنه بماله كله فلامه جمع من المسلمين فنزلت
مستغرق كار خود جنانم كه دكر برواى ملامتكربى كارم نيست   
بين ان ثواب الاخرة مع كونه خيرا مما فى الدنيا وابقى يحصل لمن اتصف بصفات وجمع بينهما وهو الايمان والتوكل وما ذكر بعدهما فالمؤمن والكافر يستويان فى ان الدنيا متاع لهما يتمتعان بها كما قال فى البستان
اديم زمين سفره عام اوست برين خوان يغماجه دشمسن جه دوست   
واذا صار الى الآخرة كان ما عند الله خيرا للمؤمن فمن عرف فناء متاع الدنيا وتيقن ان ما عند الله خير وابقى ترك الدنيا واختار العتبى وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء حكى انه كان لهارون الرشيد ابن فى سن ست عشرة فزهد فى الدنيا وتجرد واختار العبادة فمر يوما على الرشيد وحوله وزرآؤه فقالوا لقد فضح هذا الولد امير المؤمنين بين الملوك بهذه الهيئة الدنية فدعاه هرون الرشيد وقال يا بنى لقد فضحتنى بحالك هذه فلم يجبه الولد ثم التفت فرأى طائرا على حائط فقال ايها الطائر بحق خالقك الا جئت على يدى فقعد الطائر على يده ثم قال ارجع الى مكانك فرجع ثم دعاه الى يد امير المؤمنين فلم يأت فقال لابيه بل انت فضحتنى بين الاولياء بحبك للدنيا وقد عزمت على مفارقتك ثم خرج من بلده ولم يأخذ الا خاتما و مصحفا ودخل البصرة وكان يعمل يوم السبت عمل الطين ولا يأخذ الا درهما ودانقا للقوت قال ابو عامر الواعظ البصرى رحمه الله استأجرته يوما فعمل عمل عشرة وكان يأخذ كفا من الطين ويضعه على الحائط ويركب الحجارة بعضها على بعض فقلت هذه افعال الاولياء فانهم معانون ثم طلبته يوما فوجدته مريضا فى خربة فقال

السابقالتالي
2 3