الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ }

{ ما يقال لك } الخ تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عما يصيبه من اذية الكفار اى ما يقال فى شأنك وشأن ما انزل اليك من القرءآن من جهة كفار قومك { الا ما قد قيل للرسل من قبلك } الا مثل ما قد قيل فى حقهم وفى حق الكتب السماوية المنزلة عليهم مما لا خير فيه من الساحر والكاهن والمجنون والاساطير ونحوها { ان ربك لذو مغفرة } لانبيائه ومن آمن بهم { وذو عقاب اليم } لاعدآئهم الذين لم يؤمنوا بهم وبما انزل اليهم والتزموا الاذية وقد نصر من قبلك من الرسل وانتقم من اعدآئهم وسيفعل مثل ذلك بك وباعدآئك ايضا وفيه اشارة الى حال الاولياء ايضا فانهم ورثة الانبياء فلهم اعدآء وحساد يطلقون ألسنتهم فى حقهم باللوم والطعن بالجنون والجهل ونحو ذلك ولكنهم يصبرون على الجفاء والاذى فيظفرون بمراداتهم كما صبر الانبياء فظفروا وفى آية اخرىولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا واوذوا حتى اتاهم نصرنا } اى ظاهرا بهلاك القوم او باجابة الدعوة وباطنا بالتخلق بالاخلاق الالهية مثل الصبر فانه نصر اى نصر اذ به يحصل المرام وفى المثنوى
صد هزاران كيميا حق آفريد كيميايى همجو صبر آدم نديد   
وبذلك ينقلب الانسان بالصبر من حال الى حال اخرى احسن من الاولى كما ينقلب النحاس بالاكسير فضة او ذهبا ودلت الآية على أنه ليس من الحكمة ان يقطع لسان الخلق بعضهم عن بعض الا ترى انه تعالى لم يقطع لسان الخلق عن ذاته الكريمة حتى قالوا فى حقه تعالى ان له صاحبة وولدا ونحو ذلك فكيف غيره تعالى من الانبياء والمرسلين والاولياء والمقربين فالنار لا ترتفع من الدنيا الا يوم القيامة وانما يرتفع الاحتراق بها كما وقع لابراهيم عليه السلام وغيره من الخواص فكل البلايا كالنار فبطون الاولياء وقلوب الصديقين فى سلامة من الاحتراق بها فانه لا يجرى الا ما قضاه الله تعالى ومن آمن بقضاء الله سلم من الاعتراض والانقباض وهكذا شأن الكبار نسأل الله الغفار السلامة من عذاب النار