الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ }

{ وقال الذين كفروا } وهم متقلبون فيما ذكر من العذاب { ربنا ارنا اللذين اضلانا من الجن والانس } اى ارنا الشيطانين اللذين حملانا على الضلال بالتسويل والتزيين من نوعى الجن والانس لأن الشيطان بين جنى وانسى بدليل قولهشياطين الانس والجن } وقولهمن الجنة والناس } ويقال احدهما قابيل بن آدم سن القتل بغير حق والذى من الجن ابليس سن الكفر والشرك فيكون معنى اضلانا سنا لنا الكفر والمعصية كما فى عين المعانى ويشهد لهذا القول الحديث المرفوع ما من مسلم يقتل ظلما الا كان على ابن آدم كفل من دمه لأنه اول من سن القتل اخرجه الترمذى ويروى أن قابيل شدت ساقاه بفخذيه يدور مع الشمس حيث دارت يكون فى الشتاء فى حظيرة ثلج وفى الصيف فى حظيرة نار { نجعلهما تحت اقدامنا } اى ندسهما انتقاما منهما { ليكونا من الاسفلين } اى ذلا ومهانة او نجعلهما فى الدرك الاسفل من النار تشفيا منهما بذلك ليكونا من الاسفلين مكانا واشد عذابا منا وفى الآية اشارة الى أن النفوس اذا فنيت عن اوصافها بنار انوار التجلى وذاقت حلاوة القرب تلتمس من ربها اطلاعها على بقايا الاوصاف الشيطانية والحيوانية التى جبلت النفوس عليها ليمكنها منها فتجعلها تحت اقدام همتها بافنائها فتعلو بها الى مقامات القرب ليكونا من الاسفلين وتكون من الاعلون وهذا انما يكون في الترقى من مقام الى مقام اذ بقية المقام الادنى لا تزول الا بالترقى الى المقام الاعلى وهكذا الى نهاية المقامات فعلى العبد ان يجتهد حتى يخرج من الدنيا مع فناء النفس لا مع بقائها فانه اذا خرج منها بالفناء خلص من الجزع والا وقع فيه كما وقع الكفرة ولا فائدة فى الجزع يوم القيامة وفى الآية تنبيه على أن الاخلاء يومئذ اعدآء فالخليل للمؤمن فى الدارين ليس الا الله وكان رجل له حبيب فتوفى فجزع عليه جزعا شديدا حتى صار مجنونا فذكر حاله لأبى يزيد البسطامى قدس سره فأتى اليه وهو مقيد فى دار المرضى فقال له ابو يزيد يا هذا غلطت فى الابتداء حيث احببت الحى الذى يموت وهلا احبب الحى الذى لا يموت فأفاق المجنون من جنونه واقبل على عبادة الله حتى صار من جملة الكبرآء وفى المثنوى جون زعلت وارهيدى اى رهين. سركه رابكذار وميخور انكبين. تخت دل معمور شد باك ازهو.ا بروى الرحمن على العرش استوى. حكم بردل بعدازين بى واسطه. حق كند جون يافت دل اين رابطه. يشير الى أنه لا بد من رياضة النفس الى أن تتخلص من العلة فما دامت العلة فلتقنع بالخل فاذا ذهبت فقد حكم عليها القلب وليس شأنه الا ابقاء الحلاوى واطعام اللذائذ بل لو طهر السر عما سوى الله استوى الرحمن على عرش القلب فكان دوران العبد مع الله فى كل حال فلا يجد الا الحضور والسكون نسأل الله ذلك الفوز العظيم