الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ }

{ تنزيل } خبر بعد خبر اى منزلة لان التعبير عن المفعول بالمصدر مجاز مشهور كقولهم هذا الدرهم ضرب الامير اى مضروبه ومعنى كونها منزلة انه تعالى كتبها فى اللوح المحفوظ وامر جبرائيل ان يحفظ تلك الكلمات ثم ينزل بها على رسول الله عليه السلام ويؤديها اليه فلما حصل تفهيم هذه الكلمات بواسطة نزول جبرائيل سمى ذلك تنزيلا والا فالكلام النفسى القائم بذات الله تعالى لا يتصور فيه النزول والحركة من الاعلى الى الاسفل { من الرحمن الرحيم } متعلق بتنزيل مؤكد لما افاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الاضافية ونسبة التنزيل الى الرحمن الرحيم للايذان بان القرآن مدار للمصالح الدينية والدنيوية واقع بمقتضى الرحمة الربانية وذلك لان المنزل ممن صفته الرحمة الغالبة لا بد وان يكون مدارا للمصالح كلها. وقال الكاشفى { من الرحمن } ازخداى بخشنده بهداية نفوس عوام { الرحيم } مهربان برعايت قلوب خواص. وفى التأويلات النجمية يشير بالحاء فى حم الى الحكمة وبالميم الى المنة اى منّ على عباده بتنزيل حكمة من الرحمن الازلى الذى سبقت رحمته غضبه فخلق الموجودات برحمانية الرحيم الابدى الذى وسعت رحمته كل شىء الى الابد وهى كتاب. قال بعض العارفين اذا فاض بحر الرحمة تلاشى كل زلة لان الرحمة لم تزل ولا تزال والزلة لم تكن ثم كانت وما لم يكن ثم كان كيف يقاوم ما لم يزل ولا يزال قال الصائب
محيط ازجهره سيلاب كرد راه ميشويد جه انديشه كسى با عفو حقّ از كرد زلتها   
وقال الشيخ سعدى قدس سره
همى شرم دارم ز لطف كريم كه خوانم كنه بيش عفوش عظيم