الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ }

{ انا } نون العظمة او باعتبار الصفات او المظاهر { لننصر رسلنا } النصر العون { والذين آمنوا } اى اتباعهم { فى الحياة الدنيا } بالحجة والظفر والانتقام لهم من الكفرة بالاستئصال والقتل والسبى وغير ذلك من العقوبات ولا يقدح فى ذلك ما قد يتفق لهم من صورة المغلوبية امتحانا اذ العبرة انما هى بالعواقب وغالب الامر وايضا ما يقع فى بعض الاحيان من الانهزام انما كان بعارض كمخالفة امر الحاكم كما فى غزوة احد وكمطلب الدنيا والعجب والغرور كما فى بعض وقائع المؤمنين وايضا أن الله تعالى ينتقم من الاعداء ولو بعد حين كما بعد الموت الا ترى أن الله تعالى انتقم ليحيى عليه السلام بعد استشهاده من بنى اسرآئيل بتسليط بخت نصر حتى قتل به سبعون الفا قال عبد الله بن سلام رضى الله عنه ما قتلت امة نبيا الا قتل به منهم سبعون الفا ولا قتلوا خليفة الا قتل به خمسة وثلاثون الفا واما قصة الحسنين رضى الله عنهما فكثرة القتلى لهما باعتبار جدهما عليه السلام وحاصله أن علماء هذه الامة كانبياء بنى اسرآئيل فاذا انضم الى شرفهم شرف الانتساب الى النبى عليه السلام بالسيادة الصورية قربا او بعدا تضاعف قدرهم فكان الاكرام اليهم بمنزلة الاكرام الى النبى عليه السلام وكذا الاهانة والظاهر فى دفع التعارض بين قوله تعالى انا لننصر رسلنا وبين قولهويقتلون النبيين بغير الحق } ما قال ابن عباس رضى الله عنهما والحسن رضى الله عنه من انه لم يقتل من الانبيا الا من لم يؤمر بقتال وكل من امر بقتال نصر كما فى تفسير القرطبى فى البقرة وكان زكريا ويحيى وشعيب ونحوهم عليهم السلام ممن لم يؤمر بالقتال. يقول الفقير حقيقة النصرة للخواص انما هى بالامداد الملكوتى وقد يجيىء الامداد من جهة البلاء الصورى فالقتل ونحوه كله من قبيل الامداد بالترقى والحمد لله الذى بيده الخير قال شيخ الشهير بافتاده أفندى قدس سره كان النبى عليه السلام قادرا على تخليص الحسنين رضى الله عنهما بالشفاعة من الله تعالى لكنه رأى كمالهما بالشهادة راجحا على الخلاص وفى التأويلات النجمية كمال النصرة فى الظفر على اعدى عدوك وهى نفسك التى بين جنبيك هو الجهاد الاكبر ولا يمكن الظفر على النفس الا بنصرة الحق تعالى للقلب اذا تحقق عند العبد أن الخلق اشباح يجرى عليهم احكام القدر فالولى لا عدو له ولا صديق الا الله ولهذا قال عليه السلام " اعوذ بك منك " { ويوم يقوم الاشهاد } جمع شاهد كصاحب واصحاب اى لننصرنهم فى الدنيا والآخرة وعبر عن يوم القيامة بذلك للاشعار بكيفية النصرة وانها تكون عند جمع الاولين والآخرين بشهادة الاشهاد للرسل بالتبليغ وعلى الكفرة بالتكذيب وهم الملائكة والمؤمنون من امة محمد عليه السلام قال تعالىوكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهدآء على الناس }