الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ }

{ النار يعرضون } اى فرعون وآله { عليها } اى على النار ومعنى عرضهم على النار احراق ارواحهم وتعذيبهم بها من قولهم عرض الاسارى على السيف اذا قتلوا به قال فى القاموس عرض القوم على السيف قتلهم وعلى السوط ضربهم { غدوا وعشيا } اى فى اول النهار وآخره وذكر الوقتين اما للتخصيص واما فيما بينهما فالله تعالى اعلم بحالهم اما أن يعذبوا بجنس آخر او ينفس عنهم واما للتأبيد كما فى قوله تعالىولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا } اى على الدوام قال ابن مسعود رضى الله عنه أن ارواح آل فرعون فى اجواف طير سود يعرضون على النار مرتين فيقال يا آل فرعون هذه داركم قال ابن الشيخ فى حواشيه هذا يوذن بان العرض ليس بمعنى التعذيب والاحراق بل بمعنى الاظهار والابراز وان الكلام على القلب كما فى قولهم عرضت الناقة على الحوض فان اصله عرضت الحوض على الناقة بسوقها اليه وايرادها عليه فكذا هنا اصل الكلام تعرض عليهم اى على ارواحهم بأن يساق الطير التى ارواحهم فيها اى فى اجوافها الى النار وفى الحديث " أن احدكم اذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى ان كان من اهل الجنة فمن الجنة وان كان من اهل النار فمن النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة " يعنى اينست جاى توتا كه برانكيز دترا خداى بسوى وى درروز قيامت. يقول الفقير اما كون ارواحهم فى اجواف طير سود فليس المراد ظرفية الاجواف للارواح حتى لا يلزم التناسخ بل هو تصوير لصور أرواحهم البرزخية واما العرض بمعنى الاظهار فلا يقتضى عدم التعذيب فكل روح اما معذب او منعم وللتعذيب والتنعيم مراتب ولأمر ما ذكر الله تعالى عرض ارواح آل فرعون على النار فان عرضها ليس كعرض سائر الارواح الخبيثة قال فى عين المعانى قال رجل للاوزاعى رأيت طيرا لا يعلم عددها الا الله تخرج من البحر بيضاء ثم ترجع عشيا سودآء فما هى قال ارواح آل فرعون تعرض وتعود والسواد من الاحراق هذا ما دامت الدنيا { ويوم تقوم الساعة } وتعود الارواح الى الابدان يقال للملائكة { أدخلوا آل فرعون اشد العذاب } اى عذاب جهنم فانه اشد مما كانوا فيه فانه للروح والجسد جميعا وهو أشد مما كان للروح فقط كما فى البرزخ وذلك ان الارواح بعد الموت ليس لها نعيم ولا عذاب حسى جسمانى ولكن ذلك نعيم او عذاب معنوى روحانى حتى تبعث اجسادها فترد اليها فتعذب عند ذلك حسا ومعنى او تنعم ألا ترى الى بشر الحافى قدس سره لما رؤى فى المنام قيل له ما فعل الله بك قال غفر لى واباح لى نصف الجنة اى نعيم الروح واما النصف الآخر الذى هو نعيم الجسد فيحصل بعد الحشر ببدنه والاكل الذى يراه الميت بعد موته فى البرزخ هو كالاكل الذى يراه النائم فى النوم فكما أنه تتفاوت درجات الرؤيا حتى ان منهم من يستيقظ ويجد أثر الشبع او الرى فكذا تختلف احوال الموتو فالشهدآء احياء عند ربهم كحياة الدنيا ونعيمهم قريب من نعيم الحس فافهم جدا ويجوز ان يكون المعنى ادخلوا آل فرعون اشد عذاب جهنم فان عذابها ألوان بعضها شد من بعض وفى الحديث

السابقالتالي
2