الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ }

{ لا جرم } هرآينه قاله الكاشفى وقال غيره كلمة لا رد لما دعوه اليه من الكفر والاشراك وجرم فعل ماض بمعنى حق وفاعله قوله تعالى { ان ما تدعوننى اليه } اى الى عبادته واشراكه { ليس له دعوة فى الدنيا ولا فى الآخرة } اى حق ووجب عدم دعوة آلهتكم الى عبادة نفسها اصلا ومن حق المعبود ان يدعو الناس الى عبادته بارسال الرسل وانزال الكتب وهذا الشأن منتف عن الاصنام بالكلية لأنها فى الدنيا جمادات لا تستطيع دعاء غيرها وفى الآخرة اذا انشأها الله حيوانا ناطقا تبرأ من عبدتها أو المعنى حق وثبت عدم استجابة دعوة لها اى ليس لها استجابة دعوة لا فى الدنيا بالبقاء والصحة والغنى ونحوها ولا فى الآخرة بالنجاة ورفعة الدرجات وغيرهما كما قال تعالىان تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم } فكيف تكون الاصنام ربا وليس لها قدرة على اجابة دعاء الداعين ومن شأن الرب استجابة الدعوات وقضاء الحاجات وقيل جرم بمعنى كسب وفاعله مستكن فيه اى كسب ذلك الدعاء الى الكفر والاشراك بطلان دعوته اى بطلان دعوة المدعو اليه بمعنى ما حصل من ذلك الا ظهور بطلان دعوته كأنه قيل انكم تزعمون أن دعاءكم الى الاشراك يبعثنى على الاقبال عليه وانه سبب الاعراض وظهور بطلانه وقيل جرم فعل من الجرم وهو القطع كما أن بد من لا بد فعل من التبديد والمعنى لا قطع لبطلان ألوهية الاصنام اى لا ينقطع فى وقت ما فينقلب حقا فيكون جرم اسم لا مبنيا على الفتح لا فعلا ماضيا كما هو على الوجهين الاولين وفى القاموس لا جرم اى لا بد أو حقا او لا محالة او هذا اصله ثم كثر حتى تحول الى معنى القسم فلذلك يجاب عنه باللام يقال لا جرم لآتينك { وان مردنا } مرجعنا { الى الله } اى بالموت ومفارقة الارواح الاجساد ومارا جزا خواهد داد وهو عطف على أن ما تدعوننى داخل فى حكمه وكذا قوله تعالى { وان المسرفين } اى فى الضلال والطغيان كالاشراك وسفك الدماء { هم اصحاب النار } اى ملازموها