الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَٰلِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }

{ ومن يقتل مؤمنا } حال كون ذلك القاتل { متعمدا } فى قتله اى قاصدا غير مخطىء ـ روى ـ ان مقيس بن صبابة الكنانى كان قد اسلم هو واخوه هشام فوجد اخاه قتيلا فى بنى النجار فأتى رسول الله عليه السلام وذكر له القصة فارسل عليه السلام معه الزبير بن عياض الفهرى وكان من اصحاب بدر الى بنى النجار يأمرهم بتسليم القاتل الى مقيس ليقتص منه ان علموه وباداء الدية ان لم يعلموه فقالوا سمعا وطاعة لله تعالى ولرسوله عليه السلام ما نعلم له قاتلا ولكنا نؤدى ديته فاتوه بمائة من الابل فانصرفا راجعين الى المدينة حتى اذا كانا ببعض الطريق اتى الشيطان مقيسا فوسوس اليه فقال أتقبل دية اخيك فتكون مسبة عليك اى عارا اقتل هذا الفهرى الذى معك فتكون نفس مكان نفس وتبقى الدية فصلة فرماه بصخرة فشدخ رأسه ثم ركب بعيرا من الابل وساق بقيتها الى مكة كافرا وهو يقول
قتلت به فهرا وحملت عقله سراة بنى النجار اصحاب قارع وادركت ثارى واضطجعت موسدا وكنت الى الاوثان اول راجع   
فنزلت الآية وهو الذى استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ممن آمنه فقتل وهو متعلق باستار الكعبة ونعم ما قيل
هركه كند بخود كند كرهمه نيك وبد كند   
{ فجزاؤه } الذى يستحقه بجنايته { جهنم } وقوله تعالى { خالدا فيها } حال مقدرة من فاعل فعل مقدر يقتضيه مقام الكلام فكأنه قيل فجزاؤه ان يدخل جهنم خالدا فيها { وغضب الله عليه } عطف على مقدر تدل عليه الشرطية دلالة واضحة كأنه قيل بطريق الاستئناف تقريرا وتأكيدا لمضمونها حكم الله بان جزاءه ذلك وغضب عليه اى انتقم منه { ولعنه } اى ابعده عن الرحمة بجعل جزآئه ما ذكر { واعد له } فى جهنم { عذابا عظيما } لا يقادر قدره. واعلم ان العبرة بعموم اللفظ دون خصوص السبب والكلام فى كفر من استحل دم المؤمن وخلوده فى النار حقيقة فاما المؤمن اذا قتل مؤمنا متعمدا غير مستحل لقتله فلا يكفر بذلك ولا يخرج من الايمان فان اقيد ممن قتله كذلك كان كفارة له وان كان تائبا من ذلك ولم يكن مقادا كانت التوبة ايضا كفارة له لان الكفر اعظم من هذا القتل فاذا قبلت توبة الكافر فتوبة هذا القاتل اولى بالقبول وان مات بلا توبة ولا قود فامره الى الله تعالى ان شاء غفر له وارضى خصمه وان شاء عذبه على فعله تم يخرجه بعد ذلك الى الجنة التى وعده بايمانه لان الله تعالى لا يخلف الميعاد فالمراد بالخلود فى حقه المكث الطويل لا الدوام مع ان هذا اخبار منه تعالى بان جزاءه ذلك لا بانه يجزيه بذلك كيف لا وقد قال الله عز وجل

السابقالتالي
2 3