الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }

{ واذا جاءهم } اى بلغ ضعفة المسلمين { امر من الامن او الخوف } اى خبر من السرايا الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظفر وغنيمة او نكبة وهزيمة { اذاعوا به } اى افشوا ذلك الخبر واظهروه لعدم خبرتهم بالاحوال واستنباطهم للامور وكانت اذاعتهم مفسدة يقال اذاع السرور اذاع به والباء مزيدة { ولو ردوه } اى ذلك الخبر { الى الرسول والى اولى الامر منهم } بترك التعرض له وجعله بمنزلة غير المسموع وتفويض امره الى رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ورأى كبار اصحابه كالخلفاء الاربعة او رأى امراء السرايا فكبار الصحابة اولوا امر على معنى انهم البصراء بالامور وان لم يكن لهم امر على الناس والامراء اولوا الامر على الناس مع كونهم بصراء بالامور { لعلمه } اى لعلم تدبير ما اخبروا به على أى وجه يذكرونه { الذين } اى الرسول واولوا الأمر الذين { يستنبطونه منهم } اى يستخرجون تدبيره بتجاربهم وانظارهم الصحيحة ومعرفتهم بامور الحرب ومكايدها. واصل الاستنباط اخراج النبط وهو الماء يخرج من البئر اول ما تحفر يقال انبط الحفار اذا بلغ الماء وسمى القوم الذين ينزلون بالبطائح بين العراقين نبطا لاستنباطهم الماء من الارض وقيل كانوا يقفون من رسول الله صلى الله عليه وسلم واولى الامر على امن ووثوق بالظهور على بعض الاعداء او على خوف واستشعار فيذيعونه فينشر فيبلغ الاعداء فتعود اذاعتهم مفسدة ولو ردوه الى الرسول والى اولى الامر منهم وفوضوه اليهم وكانوا كأن لم يسمعوا لعلمه الذين يستنبطون تدبيره كيف يدبرونه وما يأتون ويذرون منه فالمراد بالمستنبطين منهم على كلا الوجهين الرسول واولوا الامر. ومن فى قوله يستنبطونه منهم اما تبعيضية واما بيانية تجريدية. وفى الآية نهى عن افشاء السر قيل لبعض الادباء كيف حفظك للسر قال انا قبره ومن هذا قيل صدور الابرار قبور الاسرار وفى المثنوى
وربكوئى بايكى دو الوداع كل سر جاوز الاثنين شاع نكته كان جست ناكه اززبان همجوتيرى دان كه جست آن ازكمان وانكردد ازره آن تيراى بسر بند بايد كرد سيلى را زسر   
وفى الآية اشارة الى ارباب السلوك اذا فتح لهم باب من الانس او الهيبة او الحضور او الغيبة من آثار صفات الجمال والجلال اشاعوه الى الاغيار ولو كان رجوعهم فى حل هذه المشكلات الى سنن الرسول صلى الله عليه وسلم والى سير اولى الامر منهم وهم المشايخ البالغون الواصلون ومن كان له شيخ كامل فهو ولى امره لعلمه الذين يستنبطونه منهم وهم ارباب الكشوف بحائق الاشياء فهم الغواصون فى بحار اوصاف البشرية المستخرجون من اصداف العلوم درر حقائق المعرفة { ولولا فضل الله عليكم ورحمته } بارسال الرسول وانزال الكتاب { لاتبعتم الشيطان } بالكفر والضلال { الا قليلا } اى الا قليلا منكم فان من خصه الله بعقل راجح وقلب غير متكدر بالانهماك فى اتباع الشهوات يهتدى الى الحق والصواب ولا يتبع الشيطان ولا يكفر بالله وان فرض عدم انزال القرآن وبعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وغيرهما ممن كان على دين المسيح قبل بعثته.

السابقالتالي
2