الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ أُوْلُواْ ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينُ فَٱرْزُقُوهُمْ مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }

{ واذا حضر القسمة } اى قسمة التركة والميراث { اولو القربى } للميت ممن لا يرث منه { واليتامى والمساكين } من الاجانب { فارزقوهم منه } اى اعطوهم شيئاً من المال المقسوم المدلول عليه بالقسمة او مما ترك الوالدان والاقربون وهو امر ندب كلف به البالغون من الورثة تطييبا لقلوب الطوائف المذكورة وتصدقا عليهم وكان المؤمنون يفعلون ذلك اذا اجتمعت الورثة وحضرهم هؤلاء فرضخوا لهم بشىء من ورثة المتاع فحثهم الله على ذلك تأديبا من غير ان يكون فريضة فلو كان فريضه لضرب له حد ومقدار كما لغيره من الحقوق { وقولوا لهم قولا معروفا } وهو ان يدعوا لهم ويقولوا خذوا بارك الله عليكم ويستقلوا ما اعطوهم ويعتذروا من ذلك ولا يمنوا عليهم وكل ما سكنت اليه النفس واحبته لحسنه شرعا او عقلا من قول او عمل فهو معروف وما انكرته لقبحه شرعا او عقلا فهو منكر وفى الحديث " كل معروف صدقة ". وفى المثل اصنع المعروف والقه فى الماء فان لم يعرف السمك يعرفه من سمك السماء
تونيكى كن بآ ب اندارزاى شاه اكر ماهى نداند داند الله   
ـ حكى ـ ان حية اتت رجلا صالحا فقالت اجرنى من عدوى اجارك الله ففتح لها رداءه فقالت يرانى فيه فان اردت المعروف فافتح فاك حتى ادخل فيه فقال اخشى ان تهلكينى قالت لا والله والله وسكان سمواته وارضه شاهدة على ذلك ففتح فاه فدخلت ثم عارضه رجل فى ذلك فانكر فلما اندفع خوفها قالت يا احمق اختر لنفسك كبدك او فؤادك فقال اين العهد واليمين قالت ما رأيت احمق منك اذ نسيت العداوة التى بينى وبين ابيك آدم وما الذى حملك على اصطناع المعروف مع غير اهله فقال مهلينى حتى آتى تحت هذا البل ثم توجه الى الله فظهر رجل حسن الوجه طيب الرائحة واعطاه ورقة خضراء وامره بالمضغ ففعل فلم يلبث الا خرج قطع الحية من الاسفل فخلصه الله تعالى من شرها ثم سأل من انت فقال انا المعروف وموضعى فى السماء الرابعة وانت لما دعوت الله ضجت الملائكة فى السموات السبع الى الله فانطلقت الى الجنة واخذت من شجرة طوبى ورقة بامر الله فاصنع المعروف فانه لا يضيع عند الله وان ضيعه المصطنع اليه
نكو كارى ازمردم نيك رأى يكى را بده مى نويسد خداى   
ومما يكتب من الصدقة الكلمة الطيبة والشفاعة الحسنة والمعونة فى الحاجة وعيادة المريض وتشييع الجنازة وتطييب قلب مسلم وغير ذلك. واعلم ان الرجال فى الحقيقة اقوياء الطلبة والسلاك فلهم نصيب بقدر صدقهم فى الطلب ورجوليتهم فى الاجتهاد مما ترك المشايخ والاخوان فى الله والاعوان على الطلب وتركتهم بركنهم وسيرتهم فى الدين وانوار هممهم العلية ومواهب ولايتهم السنية والنساء ضعفاء القوم فلهم ايضا نصيب مفروض اى قدر معلوم على وفق صدق التجائهم اليه وجدهم فى الطلب وحسن استعدادهم لقبول فيض الولاية وهذا حال المجتهدين الذين هم ورثة المشايخ كما انهم ورثة الانبياء فاما المنتمون الى ولايتهم بالارادة وحسن الظن والمقتبسون من انوارهم والمقتفون على آثارهم والمشبهون بزيهم والمتبركون بهم على تفاوت درجاتهم فهم بمثابة اولى القربى واليتامى والمساكين اذا حضروا القسمة عند محافل صحبتهم ومجامع سماعهم ومجالس ذكرهم فانها مقاسم خيراتهم وبركاتهم فارزقوهم منه اى من مواهب ولايتهم وآثار هدايتهم واعطاف عنايتهم والطاف رعايتهم وقولوا لهم قولا معروفا فى التشويق وارشاد الطريق والحث على الطلب والتوجه الى الحق والاعراض عن الدنيا وتقرير هوانها على الله وخسارة اهلها وعزة اهل الله فى الدارين وكمال سعادتهم فى المنزلين فاذا وقفت على هذا فاجتهد حتى لا تحرم من ميراثه الحقيقة ونصيب المعرفة ونعم ما قيل

السابقالتالي
2