الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً }

{ وابتلوا اليتامى } اى واختبروا ايها الاولياء والاوصياء من ليس من اليتامى بين السفه قبل البلوغ يتتبع احوالهم فى صلاح الدين والاهتداء الى ضبط المال وحسن التصرف فيه وجربوهم بما يليق بحالهم فان كانوا من اهل التجارة فبان تعطوهم من المال ما يتصرفون فيه بيعا وابتياعا وان كانوا ممن له ضياع واهل وخدم فبان تعطوا منه ما يصرفونه الى نفقة عبيدهم وخدمهم واجرائهم وسائر مصارفهم حتى يتبين لكم كيفية احوالهم { حتى اذا بلغوا النكاح } بان يحتلموا لانهم يصلحون عنده للنكاح { فان آنستم } اى شاهدتم وتبينتم { منهم رشدا } صلاحا فى دينهم واهتداء الى وجوه التصرفات من غير عجز وتبذير { فادفعوا اليهم اموالهم } من غير تأخير عن حد البلوغ. وظاهر الآية الكريمة ان من بلغ غير رشيد اما بالتبذير او بالعجز لا يدفع اليه ماله ابدا وبه اخذ ابو يوسف ومحمد. وقال ابو حنيفة ينتظر الى خمس وعشرين سنة لان البلوغ بالسن ثمانى عشرة فاذا زادت عليها بسبب سنين وهى مدة معتبرة فى تغيير احوال الانسان لما قال عليه السلام " مروهم بالصلاة لسبع ". دفع اليه ماله اونس منه رشد او لم يونس { ولا تأكلوها اسرافا } بغير حق حال اى مسرفين وليس فيه اباحة القليل وتحريم الاسراف بل هو بيان انه اسراف { وبدارا } اى مبادرين ومسارعين الى انفاقهما مخافة { ان يكبروا } فتفرطون فى انفاقها وتقولون ننفق كما نشتهى قبل ان تكبر اليتامى رشدا فينتزعوها من ايدينا ويلزمنا تسليمها اليهم { ومن كان غنيا } من الاولياء والاوصياء { فليستعفف } فليتنزه عن اكلها وليمتنع وليقنع بما آتاه الله من الغنى والرزق اشفاقا على اليتيم وابقاء على ماله واستعفف ابلغ من عف كأنه يطلب زيادة العفة { ومن كان } من الاولياء والاوصياء { فقيرا فليأكل بالمعروف } اى بما عرف فى الشرع بقدر حاجته الضرورية واجرة سعيه وخدمته وفيه ما يدل على ان للوصى حقا لقيامه عليها { فاذا دفعتم اليهم اموالهم } بعد ما راعيتم الشرائط المذكورة { فأشهدوا عليهم } بانهم تسملوها وقبضوها وبرئت منها ذممكم لما ان ذلك ابلغ من التهمة وانفى للخصومة وادخل فى الامانة وبراءة الساحة وان لم يكن واجبا عند اصحابنا فان الوصى مصدق فى الدفع مع اليمين وقال مالك والشافعى لا يصدق فى دعواه الا بالبينة { وكفى بالله } الباء صلة { حسيبا } محاسبا وحافظ الأعمال خلقه فلا تخالفوا ما امرتم به ولا تجاوزوا ما حدّ لكم واعلموا ان اللائق للعاقل ان يحترز عن حق الغير خصوصا اليتيم فانه يجره الى نار الجحيم فأكل حقه من الكبائر ومن ابتلى بحق من حقوق العباد فعليه بالاستحلال قبل الانتقال الى دار السؤال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3