الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }

{ يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم } وهم امراء الحق وولاة العدل كالخلفاء الراشدين ومن يقتدى بهم من المهتدين واما امراء الجور فبمعزل من استحقاق العطف على الله والرسول فى وجوب الطاعة فانهم اللصوص المتغلبة لاخذهم اموال الناس بالقهر والغلبة وانما افرد بالذكر طاعة الله ثم جمع طاعة الرسول مع طاعة اولى الامر حيث قال تعالىوأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم } النساء 59.ولم يقل واطيعوا اولى الامر منكم تعليما للادب وهو ان لا يجمعوا فى الذكر بين اسمه سبحانه وبين اسم غيره واما اذا آل الامر الى المخلوقين فيجوز { فان تنازعتم فى شىء } اصل النزع الجذب لان المتنازعين يجذب كل واحد منهما الى غير جهة صاحبه اى ان اختلفتم انتم واولوا الامر منكم فى امر من امور الدين { فردوه الى الله } فارجعوا فيه الى كتاب الله { والرسول } اى الى سنته صلى الله عليه وسلم. وتعلق اصحاب الظواهر بظاهر هذه الآية فى ان الاجتهاد والقياس لا يجوز لان الله تعالى امر بالرجوع الى الكتاب والسنة ولا يوجد فى كل حادثة نص ظاهر فعلم انه امر بالنظر فى مودوعاته والعمل على مدلولاته ومقتضياته ولكن الآية فى الحقيقة دليل على حجة القياس كيف لا ورد المختلف فيه الى المنصوص عليه انما يكون بالتمثيل والبناء عليه وهو المعنى بالقياس ويؤيده الامر به بعد الامر بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فانه يدل على ان الاحكام ثلاثة ثابت بالكتاب وثابت بالسنة وثابت بالرد اليهما بالقياس { ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } فان الايمان بهما يوجب ذلك اما الايمان بالله فظاهر واما الايمان باليوم الآخر فلما فيه من العقاب على المخالفة { ذلك } اى الرد الى الكتاب والسنة { خير } لكم من التنازع واصلح { واحسن } فى نفسه { تأويلا } اى عاقبة ومآلا. ودلت الآية على ان طاعة الامراء واجبة اذا وافقوا الحق فاذا خالفوه فلا طاعة لهم قال صلى الله عليه وسلم " لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق ". وقال صلى الله عليه وسلم " من عامل الناس فلم يظلمهم ومن حدثهم فلم يكذبهم ومن وعدهم فلم يخلفهم فهو من كملت مروءته وظهرت عدالته ووجبت اخوته ". ولا بد للامراء من خوف الله وخشيته باجراء الشرائع والاحكام واتباع سنن النبى عليه السلام حتى يملأ الله قلوب الناظرين اليهم رعبا وهيبة فحينئذ لا يحتاجون الى محافظة الصورة والهيئة الظاهرة ـ روى ـ ان كلب الروم ارسل الى عمر رضى الله عنه هدايا من الثياب والجبة فلما دخل الرسول الى المدينة قال اين دار الخليفة وبناؤه فقيل ليس له دار عظيم كما توهمت انما له بيت صغير فدلوه عليه فاتاه فوجد له بيتا صغيرا حقيرا قد اسود بابه لطول الزمان فطلبه فلم يصادفه وقيل انه خرج الى السوق لحاجته وحوائج المسلمين اى للاحتساب فخرج الرسول الى طلبه فوجده نائما تحت ظل حائط قد توسد بالدرة فلما رآه قال عدلت فامنت فنمت حيث شئت وامراؤنا ظلموا فاحتاجوا الى الحصون والجيوش قال السعدى قدس سره

السابقالتالي
2